رغم أنّ البلاد التي عامة أهلها من النصارى, تعرف اليوم حالة من (الانفجار) الجنسي, وسيادة للتفلّت الأخلاقي, وانهيارًا للضوابط الأخلاقيّة, إلاّ انّ ذلك في الحقيقة لا يعود بصورة مباشرة إلى الأحكام التي نشرتها النصرانيّة في كتبها المقدّسة..
لقد جاءت النصرانيّة في القرن الأوّل ميلادي لترث من اليهوديّة أسفارها القديمة, ورغم أنّ مؤسسها الحقيقي ((بولس)) قد أعلن القطيعة مع الشريعة اليهوديّة, معلنًا انتهاء العمل بالشريعة القديمة, وبداية عهد الخلاص المبذول بدم المسيح على الصليب (١) , إلاّ إنّ ((بولس)) نفسه, ومعه الكنيسة, لم يستطيعا أن يتجاوزا مسألة اللباس (الشرعي) وأهميّته في حياة الفرد النصراني..
كان كتّاب أسفار العهد الجديد, على قناعة تامة بأهميّة اللباس في ضبط السلوك الفردي وتوجيه العلاقات العامة, خاصة بين الرجال والنساء.. كما كان اهتمام رجال الكنيسة الأوائل بجانب العفّة, والانضباط الجنسيّ, من أهمّ الدوافع التي حفّزت المجموعات النصرانيّة المبكّرة على أن تعتني بأمر اللباس الشرعي الخاص بالمرأة ...
لقد كانت الكنيسة الأولى مشغولة بأمر الطاقة الجنسيّة في الرجل والمرأة ومآلات أثرها في الإنسان إن لم تضبط وتحكم وتحجز عن موارد الحرام.. وبلغت في هذا الشأن مبلغًا شديدًا يظهر في قول مؤلّف إنجيل متّى ٥/٢٧-٢٩ - نقلاً عن المسيح -بزعمه-: ((وَسَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: لاَ تَزْنِ! أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ بِقَصْدِ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ! فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى فَخًّا لَكَ، فَاقْلَعْهَا وَارْمِهَا عَنْكَ، فَخَيْرٌ لَكَ أَنْ تَفْقِدَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُطْرَحَ جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ!)) !!!