فارقت النصرانيّة الحاليّة التراث الآبائي القديم, وانخرطت على مراحل في معايشة أعراف حديثة لا تستند إلى أصول عريقة في تكوينها الجنيني المبكّر والجيني الأصيل.
ولأنّ النصرانيّة هي:
(١) نصوص مقدّسة.
(٢) تفاسير مقدّسة لهذه النصوص ممن تعتقد الكنيسة أنّ روح القدس كان يسدّد أفهامهم.
فسننظر في هذه النصوص المعتقد لها القداسة, والتفاسير المعتقد لها العصمة؛ لنستبين من خلال ذلك الموقف الأصيل للنصرانيّة الأولى من الحجاب..
****
[الحجاب في العهد الجديد]
جاء في رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس ١١/٤-١٠:((فكل رجل يصلي أو يتنبأ، وعلى رأسه غطاء، يجلب العار على رأسه. وكل امرأة تصلي أو تتنبأ، وليس على رأسها غطاء، تجلب العار على رأسها، لأن كشف الغطاء كحلق الشعر تماما. فإذا كانت المرأة لا تغطي رأسها، فليقص شعرها! ولكن، مادام من العار على المرأة أن يقص شعرها أو يحلق، فلتغط رأسها. ذلك لأن الرجل عليه ألا يغطي رأسه، باعتباره صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل. فإن الرجل لم يؤخذ من المرأة، بل المرأة أخذت من الرجل؛ والرجل لم يوجد لأجل المرأة، بل المرأة وجدت لأجل الرجل. لذا يجب على المرأة أن تضع على رأسها علامة الخضوع، من أجل الملائكة.))
صرّح ((بولس)) في النصّ السالف أنّه لا يجوز للمرأة أن تكشف شعرها داخل الكنيسة إذا كانت تصلّي أو تتنبّأ.. ونقول: تبعًا لذلك فمن باب أولى عدم كشفه خارجها.. إذ الفتنة خارجها أشدّ.. فإذا كان المنع مقررًا داخل دور العبادة حيث الأصل أن تكون الأنفس أكثر استعدادًا لمواجهة فتنة الشيطان؛ فمن باب أولى حرمة هذا الأمر في الخارج حيث عوامل الاستثارة والاستجابة أكبر.. وهو نفس ما قرّره ((ترتليان)) إذ قال في الفصل ٢٢ من كتابه ((حول الصلاة)) ((De Oratione)) -وإن كان قد طرحه بصورة عكسيّة؛ إذ إنّ من النساء في زمانه من كن يرتدين الحجاب في الشارع, ويعرين رؤوسهن في الكنيسة-: ((لماذا تكشفن