للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن في هذه الأ/ة محدثون: فعمر منهم)) (١) .] فعمد عمر إلى الثقات [المتقنين، الذين شهدوا الوحي والتنزيل، فأنكر عليهم كثرة الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لئلا يجترئ من بعدهم، ممن ليس في الإسلام محله كمحلهم، فيكثر الرواية، فيزل فيها، أو يقول متعمداً عليه صلى الله عليه وسلم لنوال الدنيا..)) (٢) .

وقد علق الخطيب البغدادي على هذه الآثار عن عمر رضي الله عنه، بكلام نفيس، حيث قال: ((إن قال قائل: ما وجه إنكار عمر على الصحابة روايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشديده عليهم في ذلك؟ قيل له: إنما فعل عمر ذلك احتياطاً للدين، وحسن نظر للمسلمين. لأنه خاف أن ينكلوا عن الأعمال، ويتكلوا على ظاهر الأخبار. وليس حكم جميع الأحاديث على ظاهرها، ولا كل من سمعها عرف فقهها. فقد يرد الحديث مجملاً، ويستنبط معناه وتفسيره من غيره. فخشي عمر أن يحمل حديث على غير وجهه، أو يؤخذ بظاهر لفظه، والحكم بخلاف ما أخذ به.

وكذلك نهى عمر الصحابة أن يكثروا رواية الحديث، وفي تشديد عمر أيضاً على الصحابة في روايتهم = حفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترهيب لمن لم يكن من الصحابة أن يدخل في السنن ما ليس منها؛ لأنه إذا رأى الصحابي المقبول القول، المشهور بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، قد تشدد عليه في الرواية، كان هو أجدر أن يكون للرواية أهيب، ولما يلقي الشيطان في النفس من تحسين


(١) حديث صحيح.
أخرجه البخاري (رقم ٣٤٦٩، ٣٦٨٩) : من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم (رقم ٢٣٩٨) : من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) المجروحين لابن حبان (١/-٣٧) .

<<  <   >  >>