غلبته نفسه فارفض دمعه باكيًا، ثم باح لهم بالذي يكتم منهم، فقال {هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ} ولم يعن بذكر أخيه ما صنعه فيه حين أخذه ولكن للتفريق بينه وبين أخيه، إذ صنعوا بيوسف ما صنعوا.
قال البغوي:{إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ} بما يؤول إليه أمر يوسف.
وقال ابن كثير: أي: إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه، كما قال بعض السلف كل من عصى الله فهو جاهل، وقرأ:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} الآية.
قال ابن إسحاق: لما قال لهم ذلك كشف الغطاء، فعرفوه، فقالوا:{أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ، وقال السدي: لما قال لهم ذلك اعتذروا إليه و {قَالُواْ تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ} فيما كنا صنعنا بك.
وعن ابن إسحاق:{قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} ، أي: لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم، {يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} حين اعترفوا بذنوبهم وعن السدي: قال لهم يوسف: ما فعل أبي؟ قالوا: لما فاته بنيامين عمي من الحزن قال: {اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} .