قال ابن كثير: يقول تعالى منبّهًا على التفكّر في مخلوقاته الدالّة على وجوده وانفراده بخلقها، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، فقال:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ} ، يعني به: النظر، والتدبّر، والتأمّل لخلق الله الأشياء من العالم العلوي، والسفلي، وما بينهما من المخلوقات المتنوّعة، والأجناس المختلفة، فيعلموا أنها ما خُلقت سدى، ولا باطلاً، بل بالحق. وأنها مؤجّلة إلى أجل مسمّى. وهو: يوم القيامة، ولهذا قال تعالى:{وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} .
ثم نبّههم على صدق رسله فيما جاءوا عنه، بما أيّدهم به من المعجزات والدلائل الواضحات، من إهلاك من كفر بهم، ونجاة من صدّقهم، فقال تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} ، أي: بأفهامهم وعقولهم ونظرهم وسماع أخبار الماضيين؟ ولهذا قال:{فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} ، أي: كانت الأمم الماضية، والقرون السالفة أشدّ منكم قوّة، أيها المبعوث