إليهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأكثر أموالاً وأولادًا، وما أوتيتم معشار ما أوتوا، ومكّنوا في الدنيا تمكينًا لم تبلغوا إليه، وعمروا فيها عمارًا طوالاً فعمروها أكثر منكم واستغلّوها أكثر من استغلالكم، ومع هذا فلما جاءتهم رسلهم بالبيّنات وفرحوا بما أوتوا، أخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق، ولا حالت أموالهم وأولادهم بينهم وبن بأس الله، ولا دفعوا عنهم مثقال ذرّة، وما كان الله ليظلمهم فيما أحلّ بهم من العذاب والنكال.
{وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} ، أي: وإنما أوتوا من أنفسهم حيث كذّبوا بآيات الله واستهزؤوا بها، وما ذاك إلا بسبب ذنوبهم السالفة وتكذيبهم المتقدّم، ولهذا قال تعالى:{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون} .
يقول تعالى:{اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، أي: كما هو قادر على بداءته فهو قادر على إعادته، {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ، أي: يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله، ثم قال تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} ، قال ابن عباس: ييأس المجرمون. وقال مجاهد: يفتضح المجرمون. وفي رواية: يكتئب المجرمون