للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآلهة التي عبدت من دونه: {لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ} ، كما قال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} .

وقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} أي: لا يملكون شيئًا استقلالاً ولا على سبيل الشركة، {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} أي: وليس لله من هذه الأنداد من ظهير يستظهر به في الأمور، بل الخلق كلهم فقراء إليه، عبيد لديه. قال قتادة في قوله عز وجل: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} من عون يعينه بشيء.

ثم قال تعالى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} أي: لعظمته وجلاله وكبريائه لا يجترئ أحد أن يشفع عنده تعالى، إلا بعد إذنه له في الشفاعة، كما قال عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} ، وقال جلّ وعلا: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ، وقال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} . ولهذا ثبت في الصحيحين من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد ولد آدم، وأكرم شفيع عند الله تعالى - أنه حين يقوم المقام المحمود ليشفع في الخلق كلّهم، أن يأتي لفصل القضاء،

قال: «فأسجد لله تعالى، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ويفتح علي بمحامد لا أحصيها الآن، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل تُسمع، وسل تُعْطَه واشفع تشفع» الحديث بتمامه.

وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} . وهذا أيضًا مقام رفيع في العظمة، وهو: أنه تعالى إذا تكلم بالوحي، فيسمع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>