عن السديّ في قوله:{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} قال: لقد ابتلينا {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} ، قال: الشيطان حين جلس على كرسيّه أربعين يومًا قال: كان لسليمان مائة امرأة. وكانت امرأة منهنّ يقال لها جرادة، وهي أبرّ نسائه عنده، وآمنهنّ عنده، وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه، ولم يأتمن عليه أحدًا من الناس غيرها ; فجاءته يومًا من الأيام، فقالت: إن أخي بينه وبين فلان خصومة، وأنا أحبّ أن تقضي له إذا جاءك. فقال لها: نعم. ولم يفعل. فابتُلي وأعطاها خاتمه، ودخل المخرج، فخرج الشيطان في صورته. فقال: هاتي الخاتم. فأعطته. فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان بعد، فسألها أن تعطيه خاتمه، فقالت: ألم تأخذه
من قبل؟ قال: لا، وخرج مكانه تائهًا ; قال: ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يومًا. فأنكر الناس أحكامه، فاجتمع قرّاء بني إسرائيل وعلماؤهم، فجاءوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا، فإن كان سليمان قد ذهب عقله، وأنكرنا أحكامه. قال: فبكى النساء عند ذلك، قال: فأقبلوا يمشون حتى أتوه، فأحدقوا به، ثم نشروا التوراة، فقرأوا، فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفته والخاتم معه، ثم طار حتى ذهب إلى البحر، فوقع الخاتم منه في البحر، فابتلعه حوت من حيتان البحر. قال: وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيّادي البحر، وهو جائع، وقد اشتدّ جوعه، فاستطعمه من صيدهم، قال: إني أنا سليمان، فقام إليه بعضهم فضربه بعصا فشجّه، فجعل يغسل دمه وهو على شاطئ البحر، فلام الصيّادون صاحبهم الذي ضربه، فقالوا: بئس ما صنعت حيث ضربته، قال: إنه زعم أنه سليمان، فأعطوه سمكتين مما قد مذر عندهم، ولم