{هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} ، قال ابن عباس:{هَذَا} هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع قالت الخزنة للكفار: {هَذَا} ، يعني: الأتباع، {فَوْجٌ} جماعة، {مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} النار، أي: داخلوها كما أنتم دخلتموها. قال الكلبي: إنهم يُضربون بالمقامع حتى
يوقعوا أنفسهم في النار خوفًا من تلك المقامع فقالت القادة:{لَا مَرْحَباً بِهِمْ} ، يعني: بالأتباع، {إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ} ، أي: داخلوها كما صلينا، {قَالُوا} ، فقال الأتباع للقادة:{بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} ، يقول الأتباع للقادة: أنتم بدأتم بالكفر قبلنا وشرعتم وسننتموه لنا {فَبِئْسَ الْقَرَارُ} ، أي: فبئس دار القرار جهنم. {قَالُوا} يعني: الأتباع: {رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا} ، أي: شرعه وسنّه لنا: {فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} ، أي: ضعّف عليه العذاب. قال ابن مسعود: يعني: حيّات، وأفاعي.
وقالوا وهم في النار:{مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم} في الدنيا ... {مِّنَ الْأَشْرَارِ} ، يعنون: فقراء المؤمنين. ثم ذكروا أنهم كانوا يسخرون من هؤلاء فقالوا:{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً} ؟ قال الفراء: هذا من الاستفهام الذي معناه التوبيخ والتعجّب {أَمْ زَاغَتْ} أي مالت {عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} ؟ ومجاز الآية: ما لنا لا نرى هؤلاء الذين اتّخذناهم سخريًّا لم يدخلوا معنا النار؟ أم دخلوها فزاغت عنهم أبصارنا فلم نرهم حين دخلوا؟ {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} ، أي: تخاصم أهل النار في النار لحقّ. {قُلْ} يا محمد لمشركي مكّة: {إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ} مخوّف، {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} . انتهى ملخصًا.