وعن السدي:{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ} ، أي: تسخفون منها. وعن قتادة:{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ} ، يقول: وما كنتم تظنون، {أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ} حتى بلغ: {كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} . والله إن عليك يا ابن آدم لشهودًا غير متهمة من بدنك، فراقبهم واتق الله في سر أمرك وعلانيتك، فإنه لا يخفى عليه خافية، الظلمة عنده ضوء، والسر عنده علانية، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظنّ فليفعل ولا قوّة إلا بالله. وعن عبد الله بن مسعود قال: إني لمستتر بأستار الكعبة، إذ دخل ثلاثة نفر: ثقفي، وختناه قرشيان، قليل فقه قلوبهما كثير شحوم بطونهما، فتحدثوا بينهم بحديث فقال أحدهم: أترى الله يسمع ما قلنا؟ فقال الآخر: إنه يسمع إذا رفعنا، ولا يسمع إذا خفضنا. وقال الآخر: إذا كان يسمع منه شيئًا فهو يسمعه كله. قال: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فنزلت هذه الآية:{وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} ، فقرأ حتى بلغ:{وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ} . رواه ابن جرير وغيره.
وعن معمر قال: تلا الحسن: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} فقال: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم، فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل. وأما الكافر، والمنافق فأساء الظن، فأساءا العمل. وعن قتادة: الظن ظنان: ظنّ منج، وظنّ مُرْدٍ. قال: ... {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} قال: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} وهذا الظنّ المنجي ظنًا يقينًا. وقال:{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} ، هذا ظنّ مُرْدٍ. وقال الكافرون:{إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} ؛ وذُكر لنا أن نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول - ويروي ذلك عن ربه -: