ومعنى إعجاب الكفار: أنهم جحدوا نعمة الله فيه بعد أن راق في نظرهم، فبعث الله عليهم العاهة فصيّره كَلا شيء، ومن جعل الكفّار بمعنى الزرّاع فظاهر. قاله ابن مسعود.
وقال ابن كثير: يقول تعالى موهنًا أمر الحياة الدنيا ومحقّرًا لها: ... {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} ، أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} .
قال: وقوله تعالى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} ، أي: يعجب الزرّاع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزرّاع ذلك، كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفّار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها.
وقوله تعالى:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: {سَابِقُوا} أيها الناس إلى عمل يوجب لكم: {مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ} هذه الجنة: {لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} ، يعني: الذين وحّدوا الله وصدّقوا رسله،
{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ، قال البغوي: فبيّن أن أحدًا لا يدخل الجنّة إلا بفضل الله.