الفتوحات الإسلامية كانت مع حروب الردة، غير أن لها صورة أخرى غير تلك الصورة.
لقد قام العديد من المرتدين والمتمردين باللجوء فقط إلى المناطق الخاضعة للعراق وإيران، بل بدأوا أيضًا في الإغارة على المناطق الإِسلامية، وكانت الحكومات هناك تعضدهم وتساندهم مساندة واضحة، وتقوم بحمايتهم، وفي تلك الحالة أصبحت جبهة العراق أشد خطرًا. ومن الواضح أن القبائل الموالية للمدينة كانت ترد على الغارات الموجهة ضد حدودها. وقد طلب المثنى بن حارثة الشيباني الإذن له بالهجوم على المناطق المغيرة، وذلك للوقوف في وجه تلك العمليات العدوانية على حدود الدولة الإِسلامية، ولم يسمح له في البداية، وفي النهاية وحين عرف الخليفة الأول بخطورة الموقف سمح له باتخاذ الإجراءات المناسبة، وقد وجد خالد بن الوليد فرصة في حروب ردة اليمامة، فصار في ركابه في العودة، وصدر الحكم بالتقدم ناحية الحدود العراقية لمساعدة المثنى ومن معه من المجاهدين، وهكذا بدأت الفتوحات على الجبهة العراقية.
وكانت هذه تقريبًا هي الظروف التي ظهرت على جبهة الشام، وكرد فعل لمهمة أسامة قامت الحكومة البيزنطية بالإِعداد للهجوم على الدولة الإِسلامية، ثم نتيجة لحروب الردة قام عمرو بن العاص وخالد بن سعيد بسلسلة من الإجراءات التأديبية ضد المرتدين والبغاة من قبائل قضاعة وكلب وغيرها، ونتيجة لذلك بدأ الاصطدام مع القبائل الموالية للإِمبراطورية البيزنطية. وبناء على المخاطر المتوقعة من جانب الروم قام أبو بكر الصديق بالتشاور مع الصحابة الكرام بإرسال أربع مهمات صغيرة لدرء أبواب هذه المخاطر بقيادة يزيد بن أبي سفيان الأموي، وأبي عبيدة بن الجراح الفهري، وشرحبيل بن حسنة الكندي، وعمرو بن العاص السهمي، ولم يزد عدد جندهم مجتمعين على ٢٧ ألفًا، ولم يكد هؤلاء يبدأون مهماتهم حتى قام هرقل إمبراطور