ويذكر المستشرق " مونتجمري وات " ومن على شاكلته هذه المؤاخاة بطريقة عارضة بلا دليل أو شهادة. وهم يعتبرونها تدبيرًا عسكريًا أراد به صلى الله عليه وسلم أن يوجد بين المهاجرين والأنصار انسجامًا عسكريًا في ميدان القتال.
ولرفض هذه النظرية نسوق دليلاً واحدًا ملخصه أنه لما كان هناك اختلاف في العدد بين مجاهدي المهاجرين ومجاهدي الأنصار، فكيف قام هذا الانسجام العسكري؟. في المهمات الأول وطبقًا للروايات المشهورة فإن المهاجرين فقط دون غيرهم هم الذين اشتركوا فيها. فكيف يمكن أن نقبل هذه النظرية التي يروجها المستشرقون، بينما المؤاخاة قد حدثت قبل ذلك بكثير، ثم إنه في الوقت الذي تمت فيه المؤاخاة لم تكن فكرة الحرب وميدان القتال قد ظهرت إلى الوجود.
وعلاوة على ذلك يفهم من الروايات أن المؤاخاة مع المهاجرين القادمين حتى فتح مكة، ظلت قائمة مع الأنصار، بل يمكن أن نجد لها أمثلة بعد فتح مكة.
وعلى كل حال يتضح من المصادر أن المؤاخاة كانت محاولة لإيجاد مجتمع مستقل متجانس كانت فيه قضية حق الوراثة قضية عرضية، أما بقية النظام فقد ظل موجودًا حتى النهاية، وهو النظام الذي بُني عليه المجتمع الإِسلامي وتطور وارتقى بل وكان وجوده منحصرًا عليه تمامًا.
[الصحيفة النبوية:]
عن طريق المؤاخاة، وبعد أن حدث تناسق وتجانس وانسجام بين طبقتي المسلمين داخل المجتمع، كان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم قضية هامة هي توثيق العلاقات بين طبقات المجتمع الأخرى غير المسلمة وبخاصة قبائل اليهود. فهذه الطبقات بصفتها غير مسلمة لم تكن تمثل ركنا من أركان المجتمع الإسلامي