وهذا دليل بيّن وواضح في سلوكهما، ثم إن الوقائع التاريخية في مكة والبصرة ترد بطريقة كاملة هذه التهمة، فلو كانا يريدان الخلافة لما تصالحا أبدًا مع عليّ.
" إن هذين الصاحبين الجليلين قد طالبا عليًّا بحكومة الكوفة والبصرة، ورفض عليّ إعطاءهما هذا المطلب ولهذا خالفاه ". هذا اتهام لا تصدقه ولا تؤيده أية رواية تاريخية. وصحيح أنهما كانا يؤمنان بضرورة القصاص من قاتل عثمان، وقد كانا صادقين في هذا الأمر، ورؤيتهم لقتلة عثمان في جيش عليّ جعلهم على يقين من صدق موقفهم.
ولقد اتهم سيد أمير على السيدة عائشة قائلاً بأنها عارضت عليًّا بسبب عداء شخصي، واشتركت في حرب الجمل، بينما قام خورشيد أحمد فاروق باتهامها بمحاولة تعيين طلحة بن عبيد الله التيمي أحد أقاربها طمعًا في الثروة، ونظرًا للعصبية القبلية بالإِضافة إلى اتهامها بالشكوى من أمور شخصية، والتهمتان لم تثبتا بأي شكل من الأشكال في أي مصدر من المصادر، ويتضح من خطابات عائشة، ومن بياناتها التاريخية، ومن سير الأحداث أنها أرادت حل قضية تهم الأمة، ولو كانت فيها هذه العصبية لما اقترحت أن يقوم عمر بإمامة الصلاة بدلاً من والدها في مرحلة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يتضح من كلامها قبل وقعة الجمل أنها كانت تعمل بكل إيمان وصدق من أجل الحق.
سلوك عليّ:
اعتبر خورشيد أحمد حماية علي لقاتلي عثمان، وتأييده لهم، وتنصيب نفسه خليفة بتعاونهم، ورفضه تقديمهم للقصاص، خطأ كبيرًا، كتب يقول:" إن أولئك الذين اشتركوا أو قاموا بقتل الخليفة السابق، قاموا بتنصيب عليّ خليفة، ولا يمكن أن يهز أساس خلافته بتسليمه إياهم لمعارضيه ليقتصوا منهم " وكانت الصعوبة التي تواجه عليًّا أنه كان يعرف أن القتلة موجودون داخل جيشه، إلا أنه لم يكن قادرًا على معرفتهم وتمييزهم، ولكن المودودي يرى