والحقيقة أنه عن طريق هذا الهجوم يريد المستشرقون الهجوم على التاريخ الإِسلامي من الناحية النظرية ويلاحظ أنه يتضح من نظرياتهم تلك السطحية والتضاد. وعلى الرغم من أنهم لا يمكن أن يهزّوا بذلك عقيدة المسلمين فإنهم يريدون إدخال الشك في أذهان بعض الناس، ويريدون أن يمنعوا غير المسلمين من الاتجاه إلى بوابة الإسلام وإلى الدخول في الحق، وهذا هو الهدف الأساسي لهؤلاء الأعداء. وهو الهدف الذي يجب أن نكون على بينة منه، وأن نقف يقظين في مواجهته حتى لا نخدع.
[الهجرة إلى المدينة المنورة:]
أشاع المؤرخون المغرضون أن حالة مسلمي مكة الاقتصادية كانت سيئة، لهذا خرجوا مهاجرين تجاه المدينة لا يملكون مالاً ولا متاعًا.
وقد عرض المستشرقون والمؤرخون المغرضون لهاتين الفكرتين طبقًا لخطة محكمة وهدف معين، وقبل بعض المؤرخين المسلمين ذلك القول دون إعمال للفكر، ولم يفكروا بالقطع أن هذا يعضد مؤامرة أعداء الإسلام، ومن المعروف أن عددًا من مهاجرى مكة قد قدموا تضحيات لا مثيل لها، لقد ترك العديد من المهاجرين أملاكهم ومتاعهم خلفهم وهاجروا، خرجوا بأيديهم خالية تمامًا من كل شىء، وبعضهم قد سلبتهم قريش جميع أموالهم ومتاعهم حين خرجوا تاركين مكة، إلا أن الحقيقة أيضًا تتمثل فيما ذكره ابن إسحاق والمؤرخون القدامى الآخرون [كتاب السوانح]، ويفهم مما كتب هؤلاء أن عددًا من الأسر والأفراد المسلمين قد وفقوا في نقل ممتلكاتهم معهم.
والمؤرخون المغرضون والمخططون ضد الإسلام إنما يحاولون التشهير بسوء حال مهاجري مكة الاقتصادية بالباطل حتى يثبتوا نظريتهم القائلة بأنهم هاجروا إلى المدينة نظرًا لأنهم لم يتحملوا سوء أحوالهم المعيشية كأنهم يريدون أن يقولوا: إن أنصار المدينة كانوا سيئي الحال مثلاً بسبب قتالهم معًا. ثم زادوا على ذلك بقولهم إن عددًا كبيرًا من المهاجرين قد ورد إلى المدينة خالي الوفاض مما مثّل