وغير ذلك من أمور إنما ترجع إلى التجارب والمشاهدات الذاتية للرسول صلى الله عليه وسلم (١) وعليه قام المؤرخ المذكور -بناء على قياسه وظنه- بالزعم بأن الرسول سافر إلى مصر أيضًا. مع أن جميع كتب التاريخ الإسلامي تخلو من هذه القياسات الضالة المضللة والنتائج العجيبة!!
والهدف الذي يرمي إليه المستشرق من ذلك هو أن يثبت عن طريق الاستدلال أن القرآن الكريم هو من كلام الرسول، وليس بالكلام الإلهي، بينما يثبت بالروايات التاريخية وبطريقة متواترة أن كلام القرآن الكريم هو كلام من عند الله، أنزله من اللوح المحفوظ نزل به جبريل الأمين على فؤاده صلى الله عليه وسلم.
ويحاول كثير من مؤرخينا المعاصرين بعامة والمستشرقين بخاصة أن يثبتوا أنه بعد زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة، تحسنت أحواله المادية ولهذا ترك العمل بالتجارة وبقية الأعمال الأخرى، وبدأ الانصراف إلى العبادة والرياضة الروحية وهذه النقطة تعطي دفعة لإثبات هدفين لهؤلاء.
الأول: هو أن ثروته كلها كانت بسبب اعتماده على ثروة السيدة خديجة.
والثاني: أنه بعد أن تحسنت أحواله المادية انصرف عن مشاغل الدنيا وأعمالها، وانصرف إلى العبادة والرياضة بينما يتضح من الروايات أنه صلى الله عليه وسلم ظل يعمل بالتجارة بعد الزواج، كما كان قبل الزواج إذ عمل بالتجارة وهو في العشرين، وعلى العموم لقد اعتمدت حياته التجارية على تجربته الطويلة لعشرين سنة نال خلالها تجارب متنوعة، وأضافت أيضًا إلى ثروته. كما يثبت من الروايات أن " التحنث "[الرياضة والعبادة] الذي كان يقوم به صلى الله عليه وسلم إنما كان لشهر واحد (رمضان) خلال السنة بأكملها، أما باقي السنة فكان
(١) قال لي أحد الأساتذة اليابانيين أنه يؤمن بمحمد رسولاً وبالقرآن كتابًا منزلاً من عند الله وسبب إيمانه بذلك ما ورد ذكره في القرآن عن الزلازل ومن المعروف -يقول الأستاذ- أن الجزيرة العربية منطقة خلت تمامًا من الزلازل، ودقة الوصف في القرآن لا يمكن أن يأتي بها بشر. (المترجم)