والفترة الثانية هي التي أطلقوا عليها " عصر المعارضة " أو المواجهة، حين يئس النبي من دخولهم في الإسلام، فلم يعمد فقط إلى نقد نظامهم الاجتماعي والاقتصادي والديني، بل اتخذ ضدهم إجراءات عسكرية، حتى تمكن من قمعهم وطردهم، واضطر المستشرقون في عرضهم لهذين القسمين من حياة الرسول أن يحللوا الأمور بتفصيل جعلهم يثيرون الكثير من العقول ويصيبونها بالاضطراب.
لقد تغنى المستشرقون منذ فترة طويلة وبعيدة بأن رسول الله كان يأمل أن تدخل قبائل اليهود في الإسلام بعد الهجرة، وحتى يقربهم إلى الإِسلام ويلين قلوبهم بدأ في صياغة الإسلام صياغة تتطابق مع الدين اليهودي والشريعة اليهودية، وهكذا تبعهم في الاحتفال بصوم يوم عاشوراء، ثم كان يوم الجمعة، وجَعَل بيت المقدس قبلة المسلمين، وأجاز ذبيحتهم وحلل الزواج من نسائهم، ولكن حين رفض اليهود جميع محاولاته هذه الرامية للصلح، نظرًا لعجرفتهم وغرورهم، وبدأوا في نقده ونقد دينه نقدًا عقليًا ونقليًا، حينئذ ترك الرسول أسلوب المصالحة معهم، وبدأ يُعارضهم وينقدهم نقدًا عقليًا
مقرونًا بمواجهتهم بحزم وبشدة وبصورة عملية.
وفيما يتعلق بالنقد العقلي فقد أوضح ما لدى اليهود من إفراط وتفريط في الدين، وتحريفهم وتبديلهم للتوراة، والتحايل على الأحكام الإِلهية، وانغماسهم في المساوىء الاجتماعية، وتجاوزهم للحدود الإِلهية في المعاملات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من أمور واردة في القرآن الكريم.
وفي بداية فترة المواجهة بدلاً من صوم يوم عاشوراء فرض صوم رمضان، وبدلاً من الاتجاه إلى بيت المقدس أصبحت الكعبة هي قبلة المسلمين.
ولم يصدر عن المؤرخين أي شىء آخر في الأمور الأخرى الخاصة