هذه الجمل النحوية هي عناصر جملة قرآنية (بيانية) واحدة، فأنت لاتقف على المعنى القرآنيّ الكريم من هذه الآية من جملة نحوية واحدة، فالمعنى القرآني البياني الذي جعل هذه الآية سيدة آي القرآن الكريم كما هدت إليه السنة لاتقوم به الجملة النحوية الأولى وحدها (الله لاإله إلا هو الحي القيوم) بل لابُدَّ من الإحاطة بكل الجُملِ التي بنيت عليها.
الجملة النحوية الأولى هنا هي الجملة المفتاح والجملة الأساس الذي بنيت عليه بقية الجمل في بناء وتشكيل المعنى القرآني لهذه الجملة القرآنية.
والبقاعي عُنى بتأويل سيدة آي القرآن الكريم:آية الكرسي في تفسيره، وأفرد لها كتابه: الفتح الكرسي في تفسير آية الكرسي
ولننظر في تأويله النظم التريبييّ لجمل هذه الآية في تفسيره، يقول:
" لمّا ابتدأ - سبحانه وتعالى - الفاتحة، كما مضى بذكر الذَّات، ثُمّ تعرف بالأفعال؛ لأنها مشاهدات، ثُمّ رقّى الخطابَ إلى التعريف بالصفات، ثُمّ أعلاه رجوعًا إلى الذّات للتأهل للمعرفة ابتدأ هذه السورة بصفة الكلام، لأنها أعظم المعجزات وأبينها وأدلّها على غيب الذات وأوقعها في النفوس لاسيما عند العرب، ثُمّ تعرف بالأفعال فأكثر منها
فلمَّا لمْ يبقَ لبْسٌ أثبت الوحدانية بآيتها السابقة مخللا ذلك بأفانين الحكم ومحاسن الأحكام وأنواع الترغيب والترهيب في محكم الوصف والترتيب، فلمَّا تمت الأوامر وهالت تلك الزواجر وتشوقت الأنفس وتشوفت الخواطر إلى معرفة سبب انقطاع الوصل بانبتار الأسباب وانتفاء الشفاعة في ذلك اليوم إذ كان المألُوفُ من ملوكِ الدنيا أنّهم لايكادون يتمكنون من أمرٍ من الأمورِ حقَّ التّمكُّنِ من كثرةِ الشفعاء والراغبين من الأصدقاء.... بيّن - سبحانه وتعالى - صفة الآمر بما هو عليه من الجلالِ والعظمة ونفوذ الأمر.....