ولأجل هذه الأغراض ساق الكلام مساق جواب السؤال، فكأنَّه قيل: هذا ما لايعرف من أحوال الملوك، فمن الملك في ذلك اليوم؟ فذكر آية الكرسيّ سيدة آي القرآن التي ما اشتمل كتاب على مثلها مفتتحا لها بالاسم العلم الفرد الجامعُ الذي لم يَتَسَمّ به غيره، وذلك لمَّا تأهّل السّامعُ بعد التعرف بالكلامِ والتودّدِ بالأفعالِ لمقام المعرفة فترقَّى إلى أوج المراقبة وحضرة المشاهدة فقال عائدًا إلى مظهر الجلال الجامع لصفات الجلال والإكرامِ؛ لأنّه من أعظمِ مقاماتِهِ (الله) أي هو الملك في ذلك اليوم.
ثُمَّ أثبت له صفات الكمال منزها عن شوائب النقص مفتتحا لها بالتفرد فقال (لاإله إلا هو) ......
ولمَّا وحَّد - سبحانه وتعالى - نفسه الشريفة أثبت استحقاقه لذلك بحياته، وبيّن أنّ المراد بالحياة الأبديّة بوصف القيّوميه فقال (الحيّ ... القيوم) ...
ثُمّ بيّن قيوميته وكمال حياته بقوله - جل جلاله - (لاتأخذه سنة ... ولا نوم) ...
ثُم بيّن هذه الجملة بقوله - عز وجل - (له ... ما في السموات وما في الأرض) ...
ثُمَّ بيّن ما تضمنته هذه الجملة بقوله منكرًا على من ربّما توهم أنَّ شيئًا يخرج عن أمره، فلا يكون مختصًا به (منْ ذا الَّذِي يَشْفَعُ ... عِنْدَهُ إلا بِإذْنِهِ) أي بتمكينه؛ لأنّ من لم يقدر أحد على مخالفته كان من البيّنِ أنّ كلّ شيءٍ في قبضته، وكلّ ذلك دليلا على تفرده بالإلهية ...
ثُمَّ بين جميع ما مضى بقوله - عز وجل - (يَعلمُ مابَيْن أيْديهِم ... وما خلفهم) ...