للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك لما اشتملت عليه من أسماء الذّات والصفات والأفعال، ونفي النقص وإثبات الكمال، ووفت به من أدلّة التوحيد على أتمّ وجه في أحكم نظام وأبدع أسلوب متمحضة لذلك. " (١)

تبيّن لنا من تأويل البقاعي علائق الجمل العشر التي تكونت منها آية الكرسي، وأنّ النظم الترتيبي لها قائم على منهاج التصاعد والتناسل، وقد صرَّح البقاعي في خاتمة تأويله أنَّ كلّ جملة علَّةٌ لسابقته ومبينة ما هو مكنون فيما فبلها.

في التَّعليل معنى التَّناسل وفي التَّبين معنى التّصاعد؛ لأنَّه تبيّن لايقف عند شرح ما سبق وتبيينه بل هو يضيف إليه جديدا تأتي الأخرَى فتقومُ ببيانِه، فيتصاعدُ المعنى إلى ذروته، وتكاثف أنوار الإبانة , فلا يبقى غموض في معنى من معاني سيدة آي القرآن الكريم التي هي في الحقيقة خاتمة المعنى القرآني في سورة البقرة وما جاء من بعدها من الآيات إنّما هو بيانٌ كما صرّح به "البقاعي" في مفتتح سورة "آل عمران" (٢)

***

وإذا ما نظرت في " آية المداينة " أيضًا رأيت أنها جملة قرآنية (بيانية) واحدة على الرغم من أنها أبسط آية في القرآن الكريم.

ورأيت أسلوب الشرط بجملتيه هو الأساس الذي بني عليه بقية الآية (الجملة البيانية)

ما رتب على أسلوب الشرط في المداينة جِدُّ عديدٍ

وفي آخر الآية أسلوبُ شرطٍ في المبايعة (وأشهدوا إذا تبايعتم) لم يُعلِّق به جملاً عديدةً كما علَّقها في أسلوب الشرط في المداينة لما بين التصرفين الماليين من فروق

قوله - عز وجل - (أشهدوا) هو في الحقيقة معطوف على أسلوب الشرط في أول الآية، فالمعنى: يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، وإذا تبايعتم فأشهدوا)


(١) ١ - نظم الدرر-٤/٢٥ - ٣٩
(٢) - السابق:٤ /١٩٨

<<  <   >  >>