للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول ما يلقاك من هذا في تفسيره تأويلا لهذا الأسلوب تأويلُه قول الله - عز وجل -:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:٢٩)

يقول: " لمّا أجملَ - سبحانه وتعالى - في اوّلِ هذه الآيةِ (ي:٢٨) أوّل أمرهم وأوسطه وآخره على الوجه الذي تقدم أنّه مُنَبِّهٌ على الكفر ينبغي أن يكون من قبيل الممتنع لما عليه من باهر الأدلة شرع يفصّله على وجه داعٍ لهم إلى جنابه بالامتنان بأنواع الإحسان بأمر أعلى في إفادة المقصود مما قبله على عادة القرآن في الترقي من العالي إلى الأعلى، فساق - سبحانه وتعالى - ابتداء الخلق الذي هو من أعظم الأدلة على وحدانيته مساق الإنعام على عباده ... فقال (هو) .. (الذي خلق لكم.. ما في الأرض) بعد أن سواهن سبعا ... (جميعا) ....

ولم كانت السماء أشرف من جهة العلو الذي لايرام.... عبر في أمرها بـ" ثُمَّ " فقال (ثُمّ استوى إلى السماء) .... (فسوّاهنّ سبع سموات) ... وخلق جميع ما فيها لكم.

فالآية من "الاحتباك":

حذف أولاً كون الأراضي سبعًا لدلالة الثاني عليه، وثانيًا كون ما في السماء لنا لدلالة الأول عليه.

وهو فنّ عزيز نفيس وقد جمعتُ فيه كتابًا حسنًا ذكرتُ فيه تعريفه ومأخذه من اللغة وما حضرني من أمثلته من الكتاب العزيز وكلام الفقهاء وسميته: "الإدراك لفنّ الاحتباك "...." (١)

أبان البقاعي لنا ما كان محذوفًا لدلالة القرينة المقالية عليه، ولم يُبَيِّنْ لنا هنا الوجه البيانيّ لحذف ما حذف وذكر ما ذكر، وكما أنَّه لم يبين لنا هنا تعريف (الاحتباك) وإن كان قد عرَّفه في موضع آت من بعد ٠


(١) ? ١ - نظم الدرر: ج١ص٢١٩ - ٢٢٥..

<<  <   >  >>