للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو لم يتوقف عند إعادة الجار في البقرة مع السمع والقلب (على قلوبهم وعلى سمعهم) وتركه في"الجاثية" (على سمعه وقلبه) وكذلك لم يقف عند الإتيان بالجملة الاسمية في " البقرة " (وعلى بصره غشاوةٌ) بالرفع، وبالجملة الفعلية في "الجاثية" (وجعل على بصره غشاوة)

ومن هذا ما تراه من تبينه لنا وجه البيان بقوله - عز وجل - في سورة البقرة:

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:٣٥)

وبقوله - عز وجل - في سورة "الأعراف":

{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (لأعراف:١٩)

جاءت قصة أبينا "آدم" - عليه السلام - في سورٍ عدّة، ولكنه لم يأت الأمر بالأكل من الجنة من حيث شاءا إلا في سورتين: البقرة والأعراف.

في سورة " البقرة":جاء البيان معطوفا بالواو وفي الأعراف بالفاء، وفي البقرة جاء البيان بقوله (منها) وفي الأعراف (من حيث شئتما) ، في البقرة جاء قوله (رغدّا) سايقا قوله (حيث شئتما) ، ولم يأت ذلك في الأعراف، على الرغم من أنَّ البيان عن أمرهما كان عن شيء واحد، فلأيهما كان البيان الإلهي بأمرهما؟

وإذا جئنا إلى مشتبه النظم في هذه الجملة المصورة الأمر الإلهي لآدم - عليه السلام - وزوجه بالأكل من الجنة ألفينا أنَّه لمَّا كان السياق فيها " لمجرد بيان النعم استعطافًا إلى الموالفة كان عطف الأكل بالواو في قوله - جل جلاله - (وكُلا منها) كافيًا في ذلك، وكان التصريح بـ"الرغد" الذي هو أجلُّ النعم عظيم الموقع، فقال تعالى (رغدًا) ... (حيث..شئتما) ..

<<  <   >  >>