للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلاف سياق الأعراف فإنه أريد منه مع التذكير بالنعم التعريف بزيادة التمكين، وأنها لم تمنع من الإخراج تحذيرًا للمتمكنين في الأرض المتوسعين في المعايش ممن إحلال السطوات ... " (١)

وفي سورة " الأعراف " يقول: " ولمَّا كان السياق هنا للتعريف بأنّه مكَّنَ لأبشينَا - عليه السلام - في الجنة أعظم من تمكينه لنا في الأرض بأن حباه فيها رغد العيش مقارنًا لوجوده، ثمَّ حسن في قوله (فكلا) العطف بالفاء الدَّال على أنَّ المأكول كان مع الإسكان لم يتأخر عنه، ولا منافاة بينه وبين التعبير بالواو في "البقرة"؛لأنّ مفهوم"الفاء" نوعٌ داخل تحت مفهوم " الواو" ولا منافاة بين النوع والجنس

وقوله (من حيث شئتما) بمعنى رغدًا أي واسعًا، فإنَّه يدلّ على إباحة الأكل من كلّ شيء فيها غير المنهي عنه

وأمَّا آية البقرة فتدلّ على إباحة الأكل منها في أي مكان كان.

وهذا السياق إلى آخره مشير إلى أنَّ من خالف أمره - سبحانه وتعالى - ثُلَّ عرشه وهدم عزّه، وإن كان فيه غاية المكنة ونهاية القوة كما أخرج من أَعْظَمَ له المكنة بإسجاد ملائكته وإسكان جنته وإباحة كلّ ما فيهاغير شجرة واحدة ... " (٢)

***

ومن مشتبه النظم الذي تلبث البقاعيّ عنده ما جاء من تأخير (التزكية) عن التعليم في دعوة أبي الأنبياء إبراهيم - عليه السلام - وتقديمها عليه في غيرها، قال الله - سبحانه وتعالى -:

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهمْ رسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (البقرة:١٢٩)


(١) - نظم الدرر: ج١ /٢٨٣
(٢) - السابق: ج٧ /٣٧١..

<<  <   >  >>