للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وإنْ كَانوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (آل عمران:١٦٤)

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكَِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وإنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (الجمعة٢)

هذه ثلاث آيات قدمت التزكية على التعليم في أولاها وقدّم التعليم على التزكية في الأُخْرَيَيْنِ فما وجه البيان بذلك؟

ينظر البقاعي في تأويل التشابه النظمي بالتقديم والتأخير إلى معنى الكلمة المقدمة والسياق الذي وردت فيه ومن كان الكلام بشأنهم.

نَظَرَ فرأى أن آية سورة" البقرة" الحاكية دعاء أبي الأنبياء: إبراهيم - عليه السلام - إنَّما هي بشأن الدعاء للأمة المسلمة (ذريتي) وهي لاتكون كذلك إلا إذا كانت مكتسبة التزكية من الشرك بأصل الإسلام المتسمة به ' فالتزكية المطلوبة هنا ليست هي التزكية من الشرك بل هي تزكية تؤسس على سبق علم بالكتاب والحكمة أي هي تزكية ترقٍّ في مقامات الطاعة والقرب.

والتزكية في سورة الجمعة هي تزكية من الشرك بها يتأسس أصل الإيمان؛ لأنّ السياق للحديث عن الأميين هم أمَّة الدعوة وفيهم من الشرك ما فيهم فكأنَّ التزكية هنا ليست هي التى طلبها سيدنا إبراهيم - عليه السلام - لقومه في آية سورة "البقرة"

التزكية هنا تحتاج إلى أن تسبق تعليم الكتاب والحكمة، لأنَّ تعليمها لا يثمر لمن كان قلبه غير مزكّى من الشرك، ومن ثُم قدّمت التزكية من الشرك على تعليم الكتاب والحكة ...

<<  <   >  >>