للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو أنّأ عمدنا إلى تدبر وتأويل أسماء الله الحسنى في الذكر الحكيم: موقعا ومدلولا ودلالة لكان لنا في ذلك من المعانى ما يفتقر كثير من أهل العلم استبصاره ووعيه، ولعلَّ الله عزّ وجلّ يسدد ويعين على شيءٍ من ذلك.

ومن هذا أيضًا أسماء القرآن الكريم، فقد جاء البيان باسم (الكتاب) والقرآن) و (الفرقان) ..إلخ ولكلّ موقعٌ ومدلولٌ ودلالةٌ، وقد كان للبقاعيّ تبعًا للحرالّي تأمّل لمدلولات تلك الأسماء ودلالاتها ومنازلها في سياق البيان وذلك مما يحمد النظر فيه في مواطنه من تفسيره.

***

ومما أفتقر إلى النظر فيه هنا تربية نفسٍ أمَّارة بغير ما ينفع قوله تعالى في سورة (الهمزة:١- ٤) :

{وَيْلٌُ لِكُلِّ هُمَزةٍ لُمَزةٍ * الّذِي جمعَ مَالاُ وَعَدَّدهُ * يَحْسَبُ أنَّ مَالَهُ أخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمة}

اصطفى البيان القرآنيّ الحكيم فعل النبذ:" ليُنْبَذَنَّ" واصطفى للنار اسمًا لم يأت إلا في هذه السورة من أنّ السياق هنا من بعد ما جاء في سورة (والعصر) سياق تثقيف النفس الأمارة بعظيم الترهيب من تلك الأفاعيل المحطِّمة بنيان الأمة والراغبة عمَّا به نجاتها من الخسر بحسن الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فيكشف " البقاعي" عما بين مدلول مادة هذا الفعل وهذا الاسم وسياقهما من تناسبٍ قائلا:

" ... (لينْبذنّ) : أيْ ليطرحن بعد موته طرح ما هو خفيف هينٌ جدًا على كلِ طارحٍ، كما دلَّ عليْه التعبيرُ بالنبذ، وبالبناء للمفعول (في الحطمة) أي الطبقة من النار التى من شأنها أن تحطم أي تكسر وتهشم بشدة وعنف كلَّ ما طرحَ فيها، فيكون أخسرَ الخاسرين

وعبَّر بها في مقابلة الاستعداد بالمال الحامل على الاستهانة بالخلق.

قال الأستاذ "أبو الحسن الحرالّيّ ":..

<<  <   >  >>