للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" فلمعنى ما يختص بالحكم يسمى تعالى باسم من أسمائها من نحو جهنم، فيما يكون مواجهة، ومن نحو " الحطمة" فيما يكون جزاء لقوة قهر واستعداد بعدد، ونحوذلك في سائر أسمائها. "

وعظَّم شأنها بقوله: (وما أدراك " ... "ما الحطمة" ... "نار الله" ... " الموقدة)

ولما وصف الهامز اللامز وصف الحاطم، فقال - سبحانه وتعالى - (التي) ولمَّا كان لايطلع على أحوال الشيء إلا من قِبَلِهِ علمًا قال (تطلع) اطلاعًا شديدًا (على الأفئدة) جمع فؤاد:

وهو القلب الذي يكاد يحترق من شدة ذكائه، فكان ينبغي أن يجعل ذكاءه في أسباب الخلاص، واطلاعها عليه بأن تعلو وسطه، وتشتمل عليه اشتمالا بليغًا سُمي بذلك لشدة توقده.

وخصّ بالذكر؛ لأنه ألطف ما في البدن وأشده تألمًا بأدنى شيءٍ من الأذى ولأنه منشأُ العقائدِ الفاسدةِ وَمَعْدِنُ حب المال الذي هو منشأُ الفساد والضلال، وعنه تصدرالأفعال القبيحة " (١)

يلمح " البقاعي" تناسبًا عليًّا بين مدلول مادة الفعل" نبذ"والجرائم التىاقترفها أولئك الهمّاَزون اللمازون المستهترون في جمع المال، فكان عقابهم هوانًا عظيمًا وكراهية بالغة تتعادل مع ما كان منهم

وإذا ما نظرنا في المواضع التى أتت فيها مفردات هذه المادة في القرآن الكريم رأينا الغالب عليها ذلك المعنى مما يؤكد أنها تصطفى لإبرازه في السياق الذي ترد فيه:

(البقرة: ١٠٠، ١٠١، آل عمران: ١٨٧، الأنفال: ٥٨، القصص: ٤٠، الذاريات: ٤٠، القلم: ٤٩)

وكذلك البيان عن النار باسم الحطمة الجاهر بمدلول التحطيم والتكسيرفي عنف فيه تناسب علِيٌّ مع السياق الذي جاءت فيه الآية


(١) - نظم الدرر:٢٢ /٣٤٦..

<<  <   >  >>