ولو أننا وضعنا كلمة " يُطْرَحَنَّ " موضع " ينبذن" في غير القرآن الكريم وكلمة " النار" موضع " الحطمة" لنبا بذلك السياق، ولافتقر البيان إلى كثير مما يؤدي ما هو مسوق إليه.
***
يصطفي القرآن الكريم كلمة في سياقٍ يُصوِّرُ بها ما يَضْطّرم في خبايا قوم يحكي عنهم مقالهم، فتكون الكلمة بما تصوره في سياقها الفاضحة لهم، يقول الله - سبحانه وتعالى - حاكيا مقال المنافقين في سورة " الأحزاب":
يقول " البقاعي": " عدلُوا عن الاسم - الذي وسمها به النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا من المدينة وطيبة مع حسنه - إلى الاسم الذي كانت تدعى به قديمًا مع احتمال قبحه باشتقاقه من " الثرب" الذي هو اللوم والتعنيف، إظهارًا للعدول عن الإسلام ٠
قال في " الجمع بين العباب والمحكم": " ثرب عليه ثربًا وأثرابًا، بمعنى ثرب تثريبًا إذا لامه وعيره بذنبه وذكَّره به " (١)
فهذه الكلمة تحمل بمدول ماتها (ث - ر - ب) معنى التَّأنيبِ والتَّعيير بمعابة ما يومئُ إليه أولئك المنافقون من تعنيف القائمين لنصرة الإسلام ورسوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.