ولعله مما أشيع عنه زورًا، أو رأى أنّه رأي أهون من أنْ يرد عليه، وهو في هذا على حق مبين، فذلك اتهام جد غريب لرجل يؤذن صباح مساء بتقرير إعجاز القرآن الكريم، أضف إلى هذا أنَّ مزج القرآن الكريم بكلام المفسر بحيث لا يظهر إنَّما هو أمر لا يقوم أبدًا وأهل العلم ليسوا جميعا يفصلون في تفسيراتهم بكلمة (أي) ونحن نرى البقاعي يذكرها في تفسيره في مواضع عديدة في النسخ المخطوطة
والحق أنَّ تفسيره هذا لا يغنى عنه غيره من كتب التفاسير في باب تاويل مناسبة الجمل والآيات والمعاقد والسور، ولا يوقن بعظيم منزله في كتب التفسير السابقة واللاحقة إلا من صبر وصابر في قراءته قراءة بحث وتفتيش، أمَّا من نظر فيه نظرة عَجْلَى فهو إلى الإعراض عنه أقرب من الإقبال عليه.
هو من الأسفار التي تعلم طالب العلم الناظر فيها منهاج التأمل والتدبر لما فيه من مكنون المعاني ولمجاهدة عويص العلم لذة، وتفسير البقاعيّ يمنحك فيضًا من تلك اللذة، وإنى لا أستعذب من البيان ما كان مكشوفًا، فالغالب على مثل ذلك اقتقاره إلى كثير من دقائق المعاني ولطائفها وإلى كثير من المعاني الإحسانية لأنّ طبيعة تلك المعنى الإحسانية يعجز البيان الإنسانيّ المكشوف عن حملها
***.
{دلالة البرهان القويم على تناسب آي القرآن العظيم}
كأنَّ البقاعي قد استشعر أن اتساع القول في تفسيره وتعرضه لأمور قد يرى غيره أنها ليست من التفسير في شيء،أو أنها لا تعين القارئ على حسن المتابعة والوعي،ولاسيما من كان غير صبور على عناء التلقي، فعمد إلى اختصار تفسيره:نظم الدرر، وسماه (دلالة البرهان القويم على تناسب آي القرآن العظيم)
وهذا المختصر ما يزال مخطوطا
من الجزء الأول منه نسخة خطية في المكتبة المركزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم (٤٧٢٤) وهي في (٤٦٤ل) مصورة عن نسخة في تركيا- استانبول) رقم (٨٥٣)