العَضُد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
أشرع في العضد وأشرع في الساق: معناه أدخل الغسل فيهما.
برؤوسكم: أي بجزء منها، دل على ذلك: ما رواه مسلم (٢٧٤) وغيره عن المغيرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصِيَتِه وعلى العمامة.
والناصية مقدم الرأس، وفي جزء منه، والاكتفاء بالمسح عليها دليل على أن مسح الجزء هو المفروض، ويحصل بأي جزء كان.
ودل على فرضية النية أوَّلَه - وكذلك في كل موطن تطلب فيه النية - ما رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (إنّمَا الأعْمالُ بِالنياتِ). أي: لا يعتد بها شرعاً إلا إذا نويت.
ودل على فرضية الترتيب - كما ذُكِر - فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، الثابت بالأحاديث الصحيحة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق.
قال في المجموع: واحتج الأصحاب من السنة بالأحاديث الصحيحة، المستفيضة عن جماعات من الصحابة، في صفة وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وكلهم وصفوه مرتباً، مع كثرتهم وكثرة المواطن التي رأوه فيها، وكثرة اختلافهم في صفاته في مرة ومرتين وثلاث وغير ذلك، ولم يثبت فيه - مع اختلاف أنواعه - صفة غير مرتبة، فعله صلى الله عليه وسلم بيان للوضوء المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك التكرار في أوقات. (١/ ٤٨٤).