[الحديث العزيز]
١٢ - عزيز مروي اثنين أو ثلاثه ... مشهور مروي فوقما ثلاثه
العزيز: هو الحديث الذي يرويه اثنان، ولو في طبقة من طبقات السند، بشرط: أن لا يقل في أي طبقة من الطبقات عن اثنين، ويمكن أن يزيد.
وليس المقصود هو أن يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين إلى منتهى السند، فإن هذا كما قال ابن حبان: " لا يوجد حديث بمثل هذه الصفة ".
وسمي العزيزُ عزيزاً لأحد أمرين:
١ - إما لقلته وندرته، وهذا ليس بصحيح، بل هو كثير.
٢ - وإما لكونه عزَّ، أي: تقوى وتأيد، بمجيئه من طريق أخرى، كما قال تعالى: " فعززنا بثالث " أي: أيَّدنا الاثنين بالثالث.
قوله: " عزيز مروي اثنين أو ثلاثه "، لعله يقصد بذلك أنه إذا وُجد في بعض الطبقات اثنان، فلا بأس أن يوجد في طبقة أخرى أكثر من اثنين، كثلاثة مثلا، وهذا كما تقدم.
أما إذا كان يقصد أن رواية الثلاثة، يُسمى حديثهم عزيزا، فقد قال الشيخ سعد الحميد: " لا أعلم أحدا من أهل الحديث قال به ".
والظاهر أنه يقصد المعنى الثاني، لأنه قال بعدها:
" مشهور مروي فوقما ثلاثه "،
[الحديث المشهور]
المشهور: هو ما رواه ثلاثة فأكثر ما يبلغ حد التواتر، وظاهر كلام المصنف ليس بصحيح، لأنه يعتبر أن رواية الثلاثة: عزيزا، وليس كذلك، بل يُسمى: مشهورا.
وسمي المشهورُ مشهوراً: لأن رواية الثلاثة فأكثر، جعلت الحديث يشتهر عند أهل العلم.
والمشهور ينقسم إلى قسمين:
١ - مشهور اصطلاحي، وهو الذي سبق ذكره.
٢ - ومشهور غير اصطلاحي، وهذا لا علاقة له بالكثرة، بل المقصود به: ما اشتهر على ألسنة الناس.
والذي يشتهر على ألسنة الناس، قد يكون لا أصل له، وقد يكون حديثا، لكنه غريب، وقد يكون عزيزا، وقد يكون متواترا.
وهذه الشهرة:
١ - إما أن تكون عند عامة الناس، كحديث: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ".
٢ - وإما مشتهر عند أهل العلم، فالفقهاء اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "، والأصوليون اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، وأهل الحديث اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا، يدعو على رعل وذكوان وعصية "، وأهل اللغة اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار "، وهكذا.
وهذا كله، لا علاقة له بالإسناد، فقد يكون صحيحا، وقد يكون حسنا، وقد يكون ضعيفا، وقد يكون موضوعا، وقد يكون لا أصل له ...