[الحديث الصحيح]
٣ - أولها الصحيح وهو ما اتصل ... إسناده ولم يشذ أو يعل
٤ - يرويه عدل ضابط عن مثله ... معتمد في ضبطه ونقله
" أولها " أي: أول هذه الأنواع.
قال: " وهو ما اتصل إسناده ولم يشذ أو يعل، يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله ".
نخلص من كلامه هذا إلى تعريف الحديث الصحيح، فنقول: " ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة "، هذه خمسة شروط اشترطها العلماء للحديث الصحيح.
١ - اتصال السند: هو أن يكون كل راو من الرواة، أخذ هذا الحديث عن شيخه، أما إذا ساورنا الشك في كونه أخذه عن شيخه أو لا، فالحيطة مطلوبة في هذه الحال، لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبناها على الحيطة، فلا يُقبل الحديث إلا إذا تيقنا أنَّ الراوي قد أخذ هذا الحديث عن شيخه، أو على الأقل حصول غلبة الظن بذلك.
ويعرف علماء الحديث اتصال السند، إما بتصريح الراوي بسماع هذا الحديث من شيخه، كأن يقول: سمعت فلانا يقول كذا، أو ما ينوب مناب " سمعت " كأخبرني، أو حدثني، أو رأيت، أو غيرها من الصيغ التي تدل على أنه أخذ الحديث مباشرة عن الشيخ.
أما الصيغ التي لا تدل صراحة على الأخذ مباشرة، كـ: " قال " و " عن "، فإنها تحتمل أن تكون بواسطة، فهذه الصيغ، ينظر أهل الحديث فيها إلى حال من أطلق هذه الصيغة، هل هو من المدلسين أو لا، فالمدلس لا يُقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بأخذ الحديث عن شيخه مباشرة، وإن لم يكن مدلسا فإنه يُقبل حديثه.
٢ - أن يكون الراوي عدلا: والعدل: من عنده ملكة تحمله على ملازمة التقوى والبعد عن الفسق وخوارم المروءة.
وجعل أهل العلم للعدالة شروطا، وهي: أن يكون مسلما، عاقلا، بالغا، سالما من الفسق، ومن خوارم المروءة، والشرط الأخير، المراد به: أن لا يخالف المرءُ عُرفَ بلده.
٣ - أن يكون الراوي ضابطا: والضابط: هو الذي يغلبُ صوابُه خطأَه، وليس المقصود أنه الذي لا يُخطئ.
والضبط ينقسم إلى قسمين: ضبط صدر، وضبط كتاب.
أ - ضبط الصدر: [أن يستحضر الراوي مرويه متى شاء في أي مكان شاء، كما تلقاه عن شيخه] ز.
ب - ضبط الكتاب: أن يكون الراوي يكتب الأحاديث التي تلقاها عن الشيوخ، ويجعلها في كتاب، ويصون كتابه ذلك.
وأهل الحديث يفضلون ضبط الكتاب على ضبط الصدر.
٤ - انتفاء الشذوذ:
الشذوذ: هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه أو أكثر عددا، أو هو: ما يرويه المقبول مخالفا من هو أولى منه أو أكثر عددا.
٥ - انتفاء العلة:
العلة: سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث.
ويعرفون الحديث المعلول بأنه: الذي اطُّلِع فيه بعد التفتيش على علة قادحة تمنع من قبوله.
وبعضهم يجعل انتفاء الشذوذ وانتفاء العلة شرطا واحدا، لأن الشذوذ من العلل، ولأنه يلزم على جعل انتفاء الشذوذ شرطا مستقلا، أن يُزاد في التعريف: أن لا يكون مقلوبا، ولا مدرجا، ولا مضطربا .... إلخ.
وقد يقول قائل: يلزم على هذا، أن نقول في تعريف الحديث الصحيح أن تقول: " الحديث الصحيح: هو الحديث الذي انتفت منه العلة "، لأنه إذا لم يتصل السند، كان الحديث معلولا، وإذا وُجد راو غير عدل أو غير ضابط فالحديث يكون معلولا.
فالجواب على هذا: أن علماء الحديث يفرقون بين العلة الظاهرة والعلة الخفية، فاتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم، الخلل فيه يكون ضمن العلل الظاهرة، أي التي يدركها كل أحد.
لكن مقصونا من " انتفاء العلة "، العلة الخفية، التي لا تُدرك إلا من قبل الأئمة الجهابذة النقاد، الذين يجمعون طرق الأحاديث، ويعرفون أحوال الرواة وطبقاتهم وأنسابهم وكناهم وأبناءهم وبلادنهم ورحلاتهم وكل ما يتعلق بهؤلاء الرواة.
فهؤلاء الأئمة يكتشفون عللا من إسناد ظاهره الصحة، بسبب معرفتهم الواسعة بالأسانيد والرواة. . . . . . . . .