للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاتم كئيباً فقال: يا عدي مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: وما يمنعني وقد قتل أبنائي وفقئت عيني؟ فقال: يا عدي, من رضي بقضاء الله كان له أجر ومن لم يرض بقضاء الله حبط عمله (١).

وقدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد وكان من أحسن الناس وجها, فدخل يوماً على الوليد في ثياب وش, وله غديرتان, وهو يضرب بيديه, فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش, فعانه فخرج من عنده متوسناً. فوقع في إصطبل الدواب, فلم تزل الدواب تطأه بأرجلها حتى مات. ثم إن الأكلة وقعت في رجل عروة, فبعث إليه الوليد الأطباء فقالوا: إن لم تقطعها سرت إلى باقي الجسد فتهلك, فعزم على قطعها فنشروها بالمنشار فلما صار المنشار إلى القصبة وضع رأسه على الوسادة ساعة, فغشي عليه, ثم أفاق والعرق يتحدر على وجهه وهو يهلل ويكبر, فأخذها وجعل يقبلها في يده, ثم قال: أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أني ما مشيت بك إلى حرام, ولا إلى معصية ولا إلى ما لا يرضي الله. ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفنت في قطيفة, ثم بعث بها إلى مقابر المسلمين, فلما قدم من عند الوليد إلى المدينة تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه يعزونه, فجعل يقول: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا, ولم يزد عليه ثم قال: لا أدخل المدينة إنما أنا بها بين شامت بنكبة أو حاسد لنعمة, فمضى إلى قصر بالعقيق فأقام


(١) تسلية أهل المصائب ٢٠٥.

<<  <   >  >>