للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا ترك شيئاً مما كان يصنعه فقد جزع (١).

عزى رجلٌ رجلاً في ابنه فقال: إنما يستوجب على الله وعده من صبر له بحقه, فلا تجمع إلى ما أصبت به من المصيبة الفجيعة بالأجر, فإنها أعظم المصيبتين عليك وأنكى الرزيتين لك والسلام (٢).

أما والذي لا خُلد إلا لوجهه ... ومن ليس في العز المنيع له كفو

لئن كان بدء الصبر مراً مذاقه ... لقد يُجنى من غبته الثمر الحلو

أخي الحبيب:

من نزلت به بلية فأراد تمحيقها, فليتصورها أكثر مما هى تَهُن, وليتخيل ثوابها وليتوهم نزول أعظم منها, يرى الربح في الاقتصار عليها, وليتلمح سرعة زوالها, فإنه لولا كرب الشدة, ما رجيت ساعة الراحة, وليعلم أن مدة مقامها عنده, كمدة مقام الضيف, يتفقد حوائجه في كل لحظة, فيا سرعة انقضاء مقامه, ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل ووصف المضيف بالكرم. فكذلك المؤمن في الشدة. ينبغي أن يراعي الساعات, ويتفقد فيها أحوال النفس, ويتلمح الجوارح, مخافة أن يبدو من اللسان كلمة, أو من القلب


(١) عدة الصابرين ٣٢٦.
(٢) عدة الصابرين ١٢٨.

<<  <   >  >>