عندما عادت القافلة إلى البلد الحرام مكة المكرمة وقد ربحت بضاعتها وكثرت عليها وكان ربحها كثيرًا وفيرًا .. وعندما أذن مؤذن العير بالوصول فاقت خديجة - رضي الله عنها - على غير عادتها إلى سطح دارها تراقب القافلة، واللهفة بادية على وجهها.
وبكلمة وجيزة وأدب جم ووقار باسم أمضى (محمد) إلى (خديجة) بوقائع الرحلة وبعد انصرافه - صلى الله عليه وسلم - من عندها حدثها غلامها ميسرة عن البيع والشراء الوفير الذي يفوق أضعاف ما كانت تكسبه في المرات السابقة .. صفى ميسرة بين يدي سيدته شئون القافلة المالية، و (خديجة) - رضي الله عنها - في كل ذلك سماعة له مصغية بأذنيها وعواطفها تستزيده وسرح بها خيالها فكان قلبها يزداد خفقانًا ويضج بين جوانبها.
[بين الواقع والرؤيا]
وقد رأت رضي الله عنها في منامها الشمس عظيمة مضيئة مشرقة .. أشد ما يكون الضوء جلالاً وجمالاً وسطوعًا تهبط إلى دارها من سماء (مكة) فيغمر ضؤوها ما يحيط به من أماكن وبقاع.
فسعت إلى ابن عمها (ورقة بن نوفل) تحدثه بذلك فقال لها: لك البشرى يا خديجة يا ابنة العم .. فهذه الشمس المضيئة علامة على قرب مجيء النبي الذي أظل زمانه .. ودخولها في ذلك دليل على أنك التي ستتزوجين منه.