بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم، فقبلوا جميعًا ثم تعلقت عيونهم على الباب تنتظر القادم المجهول .. بينما هم كذلك إذ أقبل وجه يضيء كأنه البدر ليلة التمام عليه الصلاة والسلام، فصاح الناس جميعًا: هذا محمد بن عبد الله رضينا بحكمه واستبشرنا بطلعته.
[الحكمة النبوية]
ثم حكموه فيما هم فيه مختلفون، وبحكمته البالغة - صلى الله عليه وسلم - حُقنت دماء قريش في قصة معروفة وغادرهم إلى بيته قلق البال على زوجته التي تركها وهي تعاني من آلام الوضع وعلى بعد خطوات من باب بيته - صلى الله عليه وسلم - تلقى البشرى لقد وضعت خديجة الوليدة الجديدة الرابعة (فاطمة الزهراء) وجاءت الزهراء مع البشرى.
وبعد أن رزق - صلى الله عليه وسلم - منها الذرية .. بدأ فجر الإسلام ينبثق فتتابعت الرؤى يردف بعضها بعضًا .. فأخذ يحدثها بكل ما يراه ويعتريه .. فتستمع له بنفس مبتهجة وصدر منشرح وجميع أحاسيسها ومشاعرها لا تفارق الابتسامة العذبة فمها ثم تثبته على ما هو فيه وتبعث في ذاته الشريف العزم والتصميم .. وفي غار حراء وعندما هل هلال رمضان من ذلك العام .. كان انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلواته وتأملاته أشد من ذي قبل وأبلغ وكانت خديجة تهيئ له زاده وتوفر جو الخلوة في سكنه، داعية ربها بأن يحفظه ويكلأه ويرعاه وفي يوم البشرى هبط جبريل بالأمر إلى الرسول الأمين قائلاً له: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ .. فغطه جبريل ثم أرسله وقال: اقرأ فعل ذلك ثلاث