للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنه أعظم آلة الشيطان في استغواء الإنسان (١).

إذا ترك له العنان يصول ويجول .. يتحدث عن فلان ويغتاب فلان، يستهزئ بهذا ويشتم هذا.

وقلة هم الذين أمسكوا بعنان ألسنتهم ووقفوا به عن ما لا يعنيهم.

فحد الكلام فيما لا يعنيك أن تتكلم بكلام لو سكت عنه لم تأثم ولم تستضر به في حال ولا مال.

وينبغي لكل مكلف: أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام: إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لإنه قد ينجز الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء (٢).

وفي اللسان آفتان عظيمتان: إن خلص من أحدهما لم يخلص من الأخرى، آفة الكلام وآفة السكوت.

وقد يكون كل منهما أعظم من الأخرى في وقتها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله، مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته، فهم بين هذين النوعين، وأهل الوسط وهم أهل الصراط المستقيم، كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها


(١) الإحياء: ٣/ ١١٧.
(٢) رياض الصالحين (٤١٤).

<<  <   >  >>