للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عتاب رسوله في هذه السورة الكريمة ثم جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل، يريد أن يتملق عظمة السلطان رحمه الله وهو عن تملقه غني والحمد لله، فمدحه بما يوهم السامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته، بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله، واستغفر الله من حكاية هذا فكان صنع الخطيب المسكين تعريضا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرضى به مسلم وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.

ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا قبل أن يجزيه جزاءه في الأخرى، فأقسم بالله: لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين وبعد أن كان متعاليا متنفخا مستعزا بمن لاذبهم من العظماء والكبراء، رأيته مهينا ذليلا خادما على باب مسجد من مساجد القاهرة، يتلقى نعال المصلين يحفظها في ذلة وصغار حتى لقد خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه فما كان موضعا للشفقة ولا شماتة فيه فالرجل النبيل يسمو على الشماتة، ولكن ما رأيت من عبرة وموعظة (١).


(١) كلمة الحق (١٧٣).

<<  <   >  >>