للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله - صلى الله عليه وسلم - متواصل الأحزان: دائم الفكرة، ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم (١).

وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق متقاربين مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم لا تخشى فلتأته يتعاطفون بالتقوى يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة ويؤنسون الغريب.

كان دائم البشر سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه، قد ترك نفسه من ثلاث: الرياء، والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، حديثهم حديث أولهم يضحك بما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر على الغريب على الجفوة في المنطق، ويقول: إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ (٢).

أكمل له جل وعلا الصفات وأحسن له الأدب وأثنى عليه


(١) الرحيق المختوم للمباركفوري (٤٦٧).
(٢) الرحيق باختصار (٤٦٨).

<<  <   >  >>