الأدهى من ذلك أنه لم يحدث حتى هذا اليوم أن انبرى عالم من علمائنا لحذف هذه الجملة من الزيارة أو المنع من قراءتها شأنها شأن المئات من العبارات والجمل التي ملأت كتب الزيارات والروايات
وكلها تتناقض كما قلنا أكثر من مرة مع أساس العقيدة وروح الإسلام.
أما معنى البداء والفكرة التي بين ثناياه وما تعنيه في زيارة الإمامين العسكريين هو: أن الإمامة حسب التسلسل الموجود في عقيدة الشيعة الإمامية تنتقل من الأب إلى الابن الأكبر مستثنىً من هذه القاعدة " الحسن " و " الحسين " فالإمامة بعد الإمام " الحسن " انتقلت إلى الإمام " الحسين " ولم تنتقل إلى الابن الأكبر " للحسن " وذلك لنص ورد عن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - حيث قال: ? الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ? فقد حدث أن " إسماعيل " وهو الابن الأكبر للإمام " جعفر الصادق " الإمام السادس عند الشيعة قد توفي في عهد أبيه فانتقلت الإمامة إلى أخيه " موسى بن جعفر " الابن الأصغر للصادق وهذا التغيير في مسار الإمامة التي هي منصب إلهي يسمى " بداءً " حصل لله تعالى فانتقلت الإمامة الإلهية بموجبه من " إسماعيل " إلى موسى بن جعفر " ومن ثم إلى أولاده ولم تأخذ الطريق الطبيعي لها الذي هو انتقال الإمامة من الأب إلى الابن الأكبر، ولكن السؤال المحيّر هنا لماذا تغيير مسار الإمامة بداءً ونسبوا شيئاً كهذا إلى الله تعالى لإثبات أمر لم يكن إثباته بحاجة إلى انتقاص من سلطان الله؟
الجواب: هنا يكمن في تلك الملابسات والظروف التي حصلت في عهد الصراع الأول بين الشيعة والتشيع فالإمامة عندما تكون إلهية لا تخضع للانتخاب المباشر ولا يتغير مسارها بموت الإمام الشرعي فحينئذ تنتقل الإمامة هذه حسب الناموس الإلهي الذي لا يتغير من الأب إلى الابن ولهذا قيلت في الإمامة إنها تكوينية أي لا تخضع لمتغيرات الزمان والمكان شأنها شأن العلة والمعلول الذاتيين الذين لا ينفك أحدهما عن الآخر وهذا يعني أن الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معين بإرادة الله، وهذا الصراع الفكري حدث بين الشيعة أنفسهم قبل أن يمتد نحو آفاق أوسع قبيل عصر الغيبة الكبرى مباشرةً وذلك عندما بدأ المذهب الإسماعيلي يظهر على ساحة الأفكار الإسلامية ويهدد وحدة الشيعة بالتمزق الداخلي وكان المذهب الإسماعيلي يرى أن الإمامة الإلهية مستمرة بالصورة التي أرادها الله منذ الأزل وهي في نسل " علي " وأولاده حسب التسلسل السني وهذا يعني أن