للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام الأب لا سلطة له في تعيين الإمام الذي سيخلفه لأنه معين بإرادة الله فإذا مات الوريث الشرعي الذي هو "إسماعيل" فلا يحق لأبيه " الصادق " أن يعين " موسى " ابنه الأصغر بل تنتقل الإمامة إلى الابن الأكبر من ظهر " إسماعيل " وبما أن الشيعة تبنت فكرة الإمامة الإلهية بالصورة نفسها فلكي تخرج من هذا المأزق قالت بفكرة البداء لكي تلقي مسؤولية انتقال الإمامة من "إسماعيل بن جعفر" إلى " موسى بن جعفر " على الله وليس على الإمام " الصادق " ولتفنيد العقيدة الإسماعيلية، وكما يعلم الجميع فإن الإمامة لا زالت مستمرة عند الإسماعيليين حتى هذا اليوم والإمام عندهم حي حاضر ومن نسل " إسماعيل " ولم يحيدوا عن هذا المنحنى الفكري الذي أملاه عليهم مذهبهم قيد أنملة.

ونعود إلى فكرة البداء فنقول: إنها ظهرت في إبان ظهور الفرقة الإسماعيلية التي أخذت تناهض الشيعة وتخرق وحدتها ولذلك لا نجد أثراً لفكرة البداء حتى أوائل القرن الثالث الهجري، وأول إمام يخاطب بشموله للبداء هو الإمام العاشر ومن بعده الحادي عشر للشيعة في حين أنه كان من الأجدر والأولى أن يخاطب الإمام " موسى بن جعفر " بشموله للبداء حيث كان هو موضوعه فلا الإمام " موسى " ولا ابنه " علي الرضا " ولا حفيده " محمد الجواد " قد خوطبوا بكلمة فيها إشارة إلى حصول البداء بحقهم الذي يؤكد لنا أن اللجوء إلى تبني فكرة البداء إنما حصل عندما أخذ التيار الإسماعيلي يشق طرقه إلى الوجود والظهور في أوائل القرن الثالث الهجري وهو عصر الإمام العاشر والحادي عشر للشيعة، لقد التجأ بعض أعلام الشيعة إلى البداء حتى يثبتوا تغيير مسار الإمامة من " إسماعيل " إلى " موسى بن جعفر " في حين أن الإمامة وانتقالها من كابر إلى كابر وبالصورة التي رسمها الشيعة قبل عهد الصراع بين الشيعة والتشيع لم تكن بحاجة إلى القول بالبداء وتغيير الإرادة الإلهية، فبوفاة مرشح الإمامة تنتقل الإمامة إلى المرشح الثاني حسب ما يوصي به الإمام " الصادق " الذي شاهد وفاة ابنه المرشح للإمامة ولا شك أنه قال كلمته في الإمام الذي يتولى شؤون الفتيا والفقه بعده وفي كلام الإمام وتعيينه الوارث الشرعي فصل الخطاب.

إن موضوع البداء احتل جانباً من الكتب الشيعية وأفرد له بعض الأعلام فصولاً أو كتيباً يدافع عن معنى البداء وفحواه وانتهى الجدل ذاك إلى الأبحاث الفلسفية والكلامية التي احتلت أجزاءً كثيرة من الكتب الكلامية في الإرادة

<<  <   >  >>