للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التصحيح بين القبول والرفض]

إن الفكرة التصحيحية التي نادينا بها لأول مرة في تاريخ الشيعة والتشيع لا شك وأنها ستلاقي ردود فعل مختلفة على صعيد العالم الشيعي وذلك حسب البيئة التي يصل إليها نداء الإصلاح ومن الطبيعي أن فئات من رجال الدين والمتاجرين بالطائفية وفي مقدمتهم كثير من الزعماء الدينيين سيقاومون الفكرة التصحيحية بكل ما لديهم من قوة وجهد، وقد نعذر هؤلاء لما يصدر منهم من ردود فعل قد تكون بعضها عنيفة لأن خطر التصحيح يهدد مجدهم وسلطانهم وكياناً بنوا عليه آمالاً عريضة وسيعة طيلة قرون وقرون، غير أن الذي لا شك فيه هو أن الأكثرية الساحقة من الطبقة الواعية المثقفة من أبناء الشيعة ستستجيب لنداء التصحيح وتقف وراءه كالبنيان المرصوص لأن فيه عز الدنيا وخير الآخرة معاً، وهنا أود أن أوجه نصيحة إلى الطبقة الواعية التي بنينا آمال التصحيح عليهم وأقول لهم: إن كلمة الحق تدعم نفسها بنفسها ولا تحتاج إلى العنف والقسوة في الدعوة إليها ولنا في رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - أسوة حسنة حيث يخاطبه سبحانه وتعالى بقوله: ? ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك (١) .... ? ويخاطبه في مكان آخر ويقول: ? ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن (٢) .... ? فلذلك يجب على كل فرد يأخذ على عاتقه واجب الدعوة إلى التصحيح أن يسلك طريق الحسنى وعدم الشدة والعنف في مخاطبة غيره ولا سيما الشيوخ والطاعنين في السن فليس من السهل على أناس بلغوا من السن عتياً أن يقلعوا عن عادة في القول أو الفعل تعودوا عليها

منذ سنين الصبا ودُرِّبوا عليها تدريباً، فمثلاً وليس على سبيل الحصر هل يا ترى أن إنساناً ما تعوّد منذ نعومة أظفاره أن يستعين بغير الله وينادي ذلك الغير بكلمة (يا) نبياً كان


(١) - آل عمران ١٥٩
(٢) - النحل ١٢٥

<<  <   >  >>