للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزي من طول سجودهم إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب (١) ورجاء العقاب (٢) ?.

ولنستمع إلى الإمام وهو يصف مرةً أخرى صحابة رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ومدى إيمانهم المطلق واللامحدود بنبيهم وبرسالته: ? ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا وما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليما ومضياً على اللقم وصبرا على مضض الألم وجداً في جهاد العدو ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه ومتبوئاً أوطانه ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود ولا اخضرَّ للإيمان عود وايم الله لتحتلبنها دماً ولتتبعنها ندماً (٣) ?.

وهنا لا بد من هذا السؤال: هل أن (مثل هذه الصحابة التي أثنى عليهم الله هذا الثناء (٤)) العظيم ومدحهم الإمام " عليّاً " بهذا الوصف الكبير خالفوا النص الإلهي في أمر ورد فيه تشريع من الله وهم حماة التشريعات الإلهية ومنفذيها وقد ضحوا بالغالي والرخيص لأجلها ولا سيما لو كان لذلك التشريع صلة مباشرة بمصالح المسلمين ومستقبل أمرهم وإرساء القواعد التي بعث رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - لإرسائها؟

وبعد كل هذا ونحن نؤدي رسالة التصحيح في هذا الكتاب بعيدة عن الأهواء والعصبيات وتقاليد الآباء والأمهات، إنها رسالة موجهة إلى الطبقة المثقفة وأصحاب الأفكار الحرة من أبناء الشيعة الذين عليهم عقدت الآمال في


(١) - نهج البلاغة ج١ ص١٩
(٢) - وردت هنا كلمة العقاب ولعله يقصد (الثواب) فتصبح العبارة: خوفاً من العقاب ورجاء الثواب) والله أعلم. (الناقل).
(٣) - نهج البلاغة ج١ ص١٠٤
(٤) - هذه العبارة فيه غلط برأيي والصحيح: هل أن مثل هؤلاء الصحابة الذين أثنى الله عليهم هذا الثناء .... (الناقل).

<<  <   >  >>