حكومة أخرى إلا إذا أجازها وباركها الفقيه الذي يمثل الإمام الحي الغائب المنصوب بأمر الله.
ومنذ أن أدخل لاشاه " إسماعيل الصفوي " الإيرانيين في المذهب الشيعي وحتى كتابة هذه السطور فإن للزعامة المذهبية الشيعية نفوذ واسع وكبير في إيران ويحظى باحترام عظيم من قبل الملوك والحكام، ومع أن العلاقات بين الزعامة المذهبية والزعامة السياسية المتمثلة بالملوك والحكام كانت على خير ما يرام عبر التاريخ إلا أنه كان يحدث في بعض الأحيان صراع بينهما ينتهي بانتصار أحدهما على الآخر، ومنذ أن استطاع الشاه " إسماعيل " أن يجعل من ولاية الفقيه منصباً يعلو على مقام الشاه وكل المناصب الأخرى لم يحدث قط أن فقيهاً من فقهاء الشيعة رشح نفسه للحكم مباشرة، وفكرة ولاية الفقيه بالمفهوم الذي ظهر في تاريخنا المعاصر ومن الناحية التطبيقية لم تكن تدور في خلد الفقهاء، فلم يستخدم الفقهاء في إيران حقهم في ولاية الفقيه أكثر من الوقوف في وجه السلطان الحاكم إذا ما حصلت بينهم المجابهة أو الوقوف مع السلطان في مجابهة الأعداء، وقبل أقل من قرنين وعندما أراد الشاه " فتح علي القاجار " أن يغزو القيصر في عقر داره كان كبير مجتهدي الشيعة السيد " محمد الطباطبائي " الملقب بالمجاهد يتقدم جيوش الشاه وقواده لغزو " روسيا " وقد أفتى بالجهاد باسم ولاية الفقيه، وعندما دحرت إيران في تلك الحرب وتنازل الشاه عن سبعة عشر مدينة كبيرة من أهم المدن الإيرانية إلى روسيا تنازلاً لا رجعة فيه وعاد الجيش المهزوم إلى إيران ومعهم السيد المجاهد استقبلهم الإيرانيون بهتافات الخزي والأوساخ استنكاراً منهم لموقف زعيم ديني يقود إيران نحو الهلاك والكارثة التي لن تنسى.
وفي تاريخنا المعاصر وهو عهد الصراع بين الشيعة والتشيع بدأت ولاية الفقيه تظهر على مسارح الأحداث في البلاد الشيعية بصورة حادّة وعنيفة أخذت تعصف بكل القيم الإسلامية والإنسانية على السواء ولعل من أهم المفارقات التي تدين هذه النظرية هي حدوث ذلك الصراع الرهيب بين الفقهاء أنفسهم حول الفكرة واضطهاد القوة الحاكمة للقوة الفقهية المحكومة، ومع أننا في رسالتنا التصحيحية هذه لا نريد أن نسمي الأشخاص ونعدد الأسماء حتى لا نفقد صفة الحياد التي هي من أهم شروط التوفيق في كل