ونحو ذلك باستثناء الزوجة الكتابية طبعاً , وكذلك لا يدخل في المحظور أمر من يجب هجره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته إلى الله وتأليفه بشيء من الدنيا إذا اقتضى الحال ذلك وكذلك لا يدخل في المحظور مداراة من يجب هجره بحسن التعامل والانبساط المحدود أيضاً.
التنبيه الثالث والأخير هو أن الهجر الإيجابي أعم وأشمل من الهجر الوقائي فكل من تهجره إيجابياً فأنت ولا بد من أنك هاجرٌ له وقائياً وأما العكس فلا.
[إضاءة عامة حول فقه العزلة والخلطة]
العزلة تتراوح بين المفارقة الكلية المطلقة والمفارقة الجزئية وبين الاعتزال الحسي والاعتزال المعنوي فالعزلة قد تكون بالبدن أو بالقلب أو بهما معاً , والأصل في المسلم الاختلاط بالناس ومعاشرتهم ومخالقتهم والإسلام دين الجماعة والأصل في العزلة الكلية المطلقة هو المنع حيث يترتب عليها تضييع الحقوق وتفويت الفرائض وتعطيل كثير من الواجبات كترك التعلم والتعليم والأمر والنهي وصلة الرحم والقرابة مع التعرض لكيد الشيطان ووسوسته وتلبيسه ولكن ثمة حالات خاصة تستثنى من هذا الأصل الكلي العام , وفي الأحوال العادية التي ليس فيها فتنة عامة فالأصل فيها أن المسلم الذي يستطيع أن يخالط الناس ويصبر على أذاهم ويوصل إليهم النفع الديني والدنيوي هو خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر علي أذاهم بل يعتزل شرورهم ويتفرد بنفسه علماً بأن هناك قدر مطلوب من الخلطة بالناس ينبغي أن يكون معتدلاً في الجملة وهو يتفاوت بحسب المصلحة وهذه المصلحة منهم من يغلَب جانب المصلحة العامة ومنهم من يغلَب جانب المصلحة الشخصية من السلامة ونحوها.
وهناك نوع آخر من العزلة وهي العزلة المستحبة المقيدة الجزئية وهي ترك فضول الصحبة ونبذ الزيادة منها وهي الاقتصاد على مخالطة الناس على ما لابد منه والقيام بالفرائض الواجبة وصلة الأرحام وأداء الجمعة والجماعة.
وهناك العزلة القلبية وذلك بأن يخالط المسلم الناس بجسده ولكن قلبه مخالف لما هم عليه أو بمعنى أدق الخلطة بجسده ومدخله ومخرجه دون أن يؤدي به ذلك إلى الذوبان في المجتمع المحيط به أو التخلي عن علمه ودعوته والعزلة بقلبه وعمله ومشاعره وإن كان الفرد باختلاطه بالناس قد يتأثر شيئاً ما إلا أن هذا التأثير اليسير المحتمل محتمل إلى جانب المصلحة الراجحة المتحققة وهي نفع الناس وإرشادهم وتوجيههم.
التفضيل بين العزلة والخلطة:
الترجيح بين العزلة والخلطة مع عموم الناس مبني على التأثر والتأثير فمن كان يتأثر ولا يؤثر فهذا العزلة في حقه أفضل ومن كان يؤثر ولا يتأثر إلا التأثر البسيط فهذا المخالطة في حقه أفضل.