قطع الهجرة وكأنه والله أعلم أخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم وخيرهما الذي يبدأ بالسلام أو من قول من قال يجزىء من الصرم السلام وقال أبو بكر الأثرم قلت لأحمد بن حنبل إذا سلم عليه هل يجزيه ذلك من كلامه إياه فقال ينظر في ذلك إلى ما كان عليه قبل أن يهجره فإن كان قد علم منه مكالمته والإقبال عليه فلا يخرجه من الهجرة إلا سلام ليس معه إعراض ولا إدبار وقد روي هذا المعنى عن مالك قيل لمالك الرجل يهجر أخاه ثم يبدوا له فيسلم عليه من غير أن يكلمه فقال إن لم يكن مؤذيا له لم يخرج من الشحناء حتى يكلمه ويسقط ما كان من هجرانه إياه ... انتهى.
هل هنالك تلازم بين الهجر الشرعي والبغض في الله؟
يقول أهل العلم أن الهجر الشرعي لا يستلزم البغض في الله كما أن الصلة
لا تستلزم المحبة والمودة في الله , فالهجر الشرعي شيء، والبغض والكراهية شيءٌ آخر ولا تعارض ولا تلازم بينهما.
وعلى هذا فقد يصل المسلم من يُبغضه في الله كصلة الكافر القريب لأجل حقه في القرابة أو لوجود معاملة ومنفعة بينهما , وقد يهجر المسلم من يُحبه في الله خوف هلاكه من الذنوب كهجره لأخيه المسلم الذي وقع في كبيرة من الذنوب دون أن يتوب منها.
[حكم بدء فساق المسلمين بالسلام ورده عليهم]
ذهب الجمهور إلى أنه لا يُسلم على المبتدع الداعية ولا الفاسق المُجاهر إلا أن الصواب والله أعلم أن السلام على الفاسق المسلم والمبتدع المسلم جائز لأنه لم يقل أحد من السلف ولا من بعدهم من أهل العلم بحرمة بداءتهم بالسلام بل إن بداءتهم بالسلام مستحبة من حيث الأصل حكمهم كحكم غيرهم من المسلمين ولكن يُشرع ترك السلام عليهم لمصلحة شرعية راجحة , وأما رد السلام على الفاسق فهو واجب ويجب الرد عليه إذا سلم ما لم تكن هناك مصلحة شرعية راجحة على ذلك الحق الذي أوجبه الإسلام له كأن تترك رد السلام عليه من باب الزجر والتأديب.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في سياق ذِكر فوائد حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -: وفيها: ترك السلام على من أذنب، وجواز هجره أكثر من ثلاث، وأما النهي عن الهجر فوق الثلاث: فمحمول على من لم يكن هجرانه شرعيّاً ... .
وفيها: سقوط رد السلام على المهجور عمَّن سلَّم عليه؛ إذ لو كان واجباً: لم يقل " كعب" هل حرَّك شفتيه - أي: النبي صلى الله عليه وسلم - برد السلام ... انتهى."فتح الباري ".
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
الهجر إذا كان فيه مصلحة بالنسبة للفاسق: فاهجره، وإلا لا تهجره، لو مررت بشخصٍ يشرب الدخان - والدخان معصية وحرام، والإصرار عليه ينزل صاحبه من مرتبة العدالة إلى مرتبة الفسوق -: سلِّم عليه إذا رأيت أن هجره لا يفيد، سلِّم عليه ربما إذا سلمتَ عليه ووقفت معه وحدثته بأن هذا حرام، وأنه لا يليق بك: ربما يمتثل ويطفئ السيجارة ولا يعود، لكن لو أنك لم تسلِّم عليه، كبر ذلك في