على دينه وعبادته لربه عز وجل , وعبادة الله عز وجل هي الغاية العظمى من وجود الإنسان وخلقه تُرخَص في سبيلها جميع الغايات والمقاصد.
الثاني سلامة النفس فحيثما يجد المرء نفسه مهددة بالقتل أو الهلاك المحقق من قبل الظالمين وليس له قدرة على دفع الظلم عن نفسه فله أن يُهاجر طلباً للسلامة إلى حيث يجد الأمن والأمان لنفسه وأهله.
وثالث تلك البواعث هي تقوية المسلمين وإضعاف المشركين كإحياء فريضة الجهاد وتقوية المسلمين وتكثير سوادهم على المشركين فالهجرة والجهاد شيئان متلازمان وأحدهما سبب للآخر ولازم له وبقاء أحدهم لازم لبقاء الآخر.
مقصد الهجرة الشرعية الرئيسي:
أعظم مقاصد الهجرة الشرعية هي الفرار بالدين من الفتن والفرار بالتوحيد وهجرة ما نهى الله عنه , فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلِمُ: مَن سلمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهاهُ الله عنه».رواه البخاري.
[حكم سفر المسلم لبلاد المشركين]
السفر لبلاد المشركين جائز بشرطين:
الأول أن يكون لحاجة كالعلاج والتجارة وتعلم العلوم التي لا يمكن تعلمها في بلاد المسلمين ونحو ذلك.
الثاني القدرة على إظهار الدين وتكون بالقيام بالواجبات وترك المحرمات وأن
لا يُداهن ولا يُماري في دينه والتحفظ من مودتهم والركون إليهم واعتزالهم والبراءة منهم.
بهذه الشروط لا بأس أن يسافر ولو كان إلى بلاد الكفار الحربية أما إذا اختل شرط منها فلا يجوز له.
وعلى هذا فحكم السفر والإقامة بدار الكفار يختلف تبعاً لاختلاف النية والمقاصد والباعث على السفر والإقامة عندهم.
[حكم إقامة المسلم في دار الكفر]
حكم مساكنة المشركين في بلادهم يختلف باختلاف حال المكلف، فمن وجبت عليه الهجرة فإقامته في بلاد الكفر محرمة، ومن استحبت له الهجرة فإقامته في بلاد الكفر مكروهة أو خلاف الأولى، ولبيان هذه الحالات ننقل كلام الفقيه الحنبلي ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى. حيث قال في المغني "إذا ثبت هذا، فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب: أحدها: من تجب عليه وهو من يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة لقول الله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا} وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب به فهو واجب ......... الثالث: من تستحب له ولا تجب عليه وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه واقامته في دار الكفر فتستحب له.