للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شركاً أصغر كالرياء والسمعة، والخيانة في الأمانة، وهي قبيحة في كل شيء وبعضها شر من بعض، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك وارتكب العظائم , والغدر وعدم الوفاء بالعهد , وإرادة العلو في الأرض والفساد وإن لم ينل , والقول على الله بلا علم , وإساءة الظن بالله سبحانه، واتهامه في أحكامه الكونية والدينية، والدعوة إلى ضلالة أو بدعة والتبجح والافتخار بالمعصية بين أصحابه وأشكاله، وهو الإجهار الذي لا يعافي الله صاحبه وإن عافاه من شر نفسه , وإضلال أعمى عن الطريق وقد لعن - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك فكيف بمن ضل عن طريق الله أو صراطه المستقيم , وحمل السلاح على المسلم , والجدال في كتاب الله ودينه بغير علم , والحسد، وكتم العلم الواجب إظهاره، وترك العمل بما علم، والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذية أولياء الله تعالى، وتولي أعدائه من الفسقة والكفرة، وبغض الصحابة وسبهم عامةً وخاصةً المهاجرين والأنصار، ولعن المسلم المصون , والأمن من مكر الله، والإياس والقنوط من روح الله.

[الموقف من الذنوب المختلف في تصنيفها بين الكبائر والصغائر]

إذا اختلف أهل العلم في معصية ما أهي من الكبائر أم من الصغائر؛ ما موقفنا منها؟ أي هل الأصل في الذنوب أنها كبائر أم العكس؟ أقول قد نصت الشريعة على بعض الذنوب أنها من الكبائر؛ كالسبع الموبقات وغيرها، وفيما عدا ذلك لم يثبت نص في الشريعة على ضابط يُفرَّق به بين الصغيرة والكبيرة، بل قال ابن عبد السلام في "القواعد ": (لم أقف لأحد من العلماء على ضابط للكبيرة لا يسلم من الاعتراض) أهـ من "الفتح" (١٠/ ٤١٠) لابن حجر.

ولو قال قائل: إن الشريعة سكتت عن بيان ذلك الضابط لأجل أن يحترز المؤمن من كل ذنب؛ خشية أن يكون كبيرة لكان له وجه.

ومما يدل عليه أن الله تعالى حث على اجتناب الكبائر مطلقا؛ فقال: "إن تجتنبوا كبائر ما تُنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم" فهو يؤكد هذا المعنى، وإذا لم يُستفد منه الإذن بفعل الصغيرة قطعا؛ فلماذا نتطلب الفرق بين الصغيرة والكبيرة؟

ومع إخفاء الضابط ترى العابد يحرص على التقصي على النفس والاحتياط لها، وهذا مطلب للشريعة: وهو أن يكون وجلاً خائفاً، ونفسه لوامة، هذا عدا ما في تسمية الذنب صغيرة من التهاون بنهي الباري جل في علاه عنها، وتسهيلها في نفوس الناس؛ بما يخالف مقاصد الشريعة في التوقي من الذنوب.

ولهذا وقع لبعض من اعتمد ضابطاً في ذلك أن طبق الحكم على بعض الذنوب فوصفها بأنها صغائر، وهذا فيه ما فيه من قفو المرء ما ليس له به علم دون حاجة، وكذلك تسهيل معصية الله تعالى.

يقول الإمام الواحدي في "البسيط": ( .. الصحيح أنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد، وتتميز به عن الصغائر؛ تمييز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن أخفي ذلك على العباد، ليجتهد كل واحد في اجتناب ما نهي عنه، رجاء أن يكون مجتنباً للكبائر، ونظيره إخفاء الصلاة الوسطى في الصلوات، وليلة القدر في رمضان) أهـ نقلا من "البحر المحيط" (٣/ ٣٣٦) للزركشي. قال الإمام أبو الحسن الواحدي المفسر وغيره: الصحيح أن حد الكبيرة غير معروف، بل ورد الشرع

<<  <   >  >>