(إن القصد هو توحيد المعبود في توحيد الوجهة، ودرء الفرقة كما قال تعالى:
{أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
إن الإسلام لابد فيه من الاستسلام لله وحده، وترك الاستسلام لما سواه وهذا حقيقة (لا إله إلا الله) فمن أسلم لله ولغير الله فهو مشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، ومن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ { .. انتهى).
الشرط السابع: المحبة لهذه الكلمة، ولما اقتضته ودلت عليه، ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها، المنافية لضدها، قال تعالى:
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ}.وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ}.وفي الحديث: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار).
قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: (وعلامة حب العبد ربه: تقديم محابه وإن خالفت هواه، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه واتباع رسوله، واقتفاء أثره وقبول هداه ... انتهى).
ويقول ابن القيم في النونية:
شرط المحبة أن توافق من تحب ... على محبته بلا عصيان
فإذا ادعيت له المحبة مع خلافك ... ما يحب فأنت ذو بهتان
أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حباً له ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين ... المحبة يا أخا الشيطان
ليس العبادة غير توحيد المحبة ... مع خضوع القلب والأركان
إلى أن يقول:
ولقد رأينا من فريق يدعي ... الإسلام شركاً ظاهر التبيان
جعلوا له شركاء والوهم ... وسووهم به في الحب لا السلطان
[الولاء والبراء من لوازم لا إله إلا الله]
إن أصل الدين وكماله، أن يكون الحب في الله، والبغض في الله، والموالاة في الله، والمعاداة في الله، والعبادة لله، والاستعانة بالله، والخوف من الله ,والرجاء لله، والإعطاء لله، والمنع لله، وهذا إنما يكون بمتابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أمره لله، ونهيه لله، وصاحب الهوى يُعميه الهوى ويُضله عن سبيل الله، فلا يستحضر ما لله، وما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ولا يطلبه فالذي لا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضبهما، وإنما يرضى لشهواته وهواه، ويغضب لذلك فهو ممن قال الله فيهم: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى).