للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتقوا منهم تقاة (, وأما من عدا هذا الصنف فهو الكافر المُمسك شره عن المسلمين فالواجب معاملته بالحسنى، قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) , وبموجب هذا التفصيل تتحدد طريقة التعامل مع الكفار إما بالحسنى وإما بإظهار العداوة).

فالعلاقة مع أهل الكفر إذا كانوا مُسالمين غير محاربين يجب أن يكون أساسها البر إليهم والعدل معهم والإنصاف لهم , والعدل واجب مع الكل حتى إننا نعدل مع من حاربنا ولا نظلمه، وإن قاتلناه وحاربناه، حتى في قتله نحسن القتلة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة" [رواه مسلم].

ولا مانع شرعاً من التعامل مع الكفار غير المحاربين في المال أو الإجارة وعيادة مريضهم وتعزيتهم عند المصيبة وتهنئتهم عند حدوث نعمة بل إن مبادئ الإسلام توجب الدفاع عن أهل الذمة إذا قصدهم معتد؛ لأنهم في جوارنا وخفارتنا، وقد حكى ابن حزم في مراتب الإجماع على أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح.

والحاصل لا مانع شرعاً أن يتعامل المسلم مع الكفار بالحسنى وتبادل المنافع إذا كانوا مسالمين بالضوابط الشرعية ولكن عليه أن يحذر من موالاتهم والرضا بكفرهم.

[ضابط اللطف المشروع بلا خلاف مع الكفار غير المحاربين]

ضابط اللطف والرفق المأمور به لغير المحارب هو كل رفق ولطف لا يُفهم منه علو الكافر على المسلم أو مودته لا رحمته وبره وذلك مأمورٌ به.

[بعض المسائل التي لا تنافي العداوة من المشركين المحاربين]

١ - من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ولم يحارب المسلمين ولم يجد في المسلمين من يجيره فلا شيء عليه.

٢ - برّ المؤمن لبعض الأفراد الكفار المعينين من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرّم ولا منهيّ عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له، أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكُراع أو سلاح أو كان براً يدل على مودات القلوب , كما قال تعالى في وصفه للأبرار (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا) , ومن المعلوم أنه لم يكن وقت نزول الآية أسيراً إلا الكافر المحارب.

٣ - مصالحة المشركين ببعض ما فيه ضيم على المسلمين جائز للمصلحة الراجحة ودفع ما هو شر منها.

٤ - يُشرع الحرص على حقن دماء الكفار المحاربين إذا رجا بذلك إسلامهم وهدايتهم ولم يخف مفسدة راجحة فيشرع حينئذٍ إمهالهم.

٥ - يجوز الدخول تحت حماية الكفار وجوارهم إذا كان لمصلحة المسلم أو المسلمين لدحر عدو ضرره أكبر.

٦ - يجوز عند الحاجة للمسلمين عقد الصلح بمال يبذلونه للعدو.

٧ - يجوز للمسلم أن يجير عدواً من أعداء الله الكفار فيكون معصوم الدم ولا يحل لأي مسلم أن يتعرض لهذا الكافر.

<<  <   >  >>