للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكم مُطلق البر والإحسان للكافر المعين المحارب للدين وأهله:

لا مانع , ولا بأس شرعاً في مطلق البر والإحسان للكافر المحارب للدين وأهله كما قال تعالى في وصفه للأبرار (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا) , ومن المعلوم أنه لم يكن وقت نزول الآية أسيراً إلا الكافر المحارب.

ولكن هذا البر والإحسان مشروط بأربعة شروط:

الأول ألا يكون هذا الإحسان حاملاً على نصرة المشركين على المسلمين.

الشرط الثاني ألا يكون هذا الإحسان له وهو في حال تلبسه بحرب الإسلام والمسلمين أي وقت القتال إذ الواجب في حقه جهاده ومدافعة شره.

الشرط الثالث ألا يكون هذا الإحسان له مما يدل على مودات القلوب أو موالاته أو الرضا عنه.

الشرط الرابع ألا يكون الإحسان إليه مُطلقاً بل لموجب شرعي راجح كأن يكون لأجل الإحسان الذي كتبه الله على كل شىء أو لأجل استمالة قلبه للإسلام أو لأجل مصلحة المسلمين أو لأجل أمر الله تعالى به كما في حالة الأسير.

ورد في تفسير آيات الأحكام للشافعي رحمه الله مبحث هام نسوقه بنصه لأهميته: (قال الله عز وجل: {لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ}. قال: يقال: والله أعلم إن بعض المسلمين تأثر من صلة المشركين أحسب ذلك لما نزل فرض جهادهم وقطع الولاية بينهم وبينهم ونزل {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاٌّخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، فلما خافوا أن تكون المودة الصلة بالمال أنزل {لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأولئك هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال الشافعي رحمه الله: وكانت الصلة بالمال والبر والإقساط ولين الكلام والمراسلة بحكم الله غير ما نهوا عنه من الولاية لمن نهوا عن ولايته مع المظاهرة على المسلمين، وذلك لأنه أباح بر من لم يظاهر عليهم من المشركين والإقساط إليهم ولم يحرم ذلك إلى من لم يظاهر عليهم بل ذكر الذين ظاهروا عليهم فناهم عن ولايتهم إذ كان الولاية غير البر والإقساط، وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم فادى بعض أسارى بدر، وقد كان أبو عزة الجمحي ممَّن منَّ عليه، وقد كان معروفاً بعداوته والتأليب عليه بنفسه ولسانه، ومن بعد بدر على ثمامة بن أثال، وكان معروفاً بعداوته، وأمر بقتله ثم منّ عليه بعد أسره وأسلم ثمامة وحبس الميرة عن أهل مكة فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن له أن يميرهم فأذن له فمارهم. وقال الله عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} والأسرى يكونون ممن حاد الله ورسوله انتهى منه.).

<<  <   >  >>